كتبت زينة طبارة في “الأنباء الكويتية”:
إعتبر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، في حديث إلى «الأنباء»، انه حسنا فعلت الحكومة بتعديلها قرار مديرة التعليم المهني والتقني بالوكالة هنادي بري، وحصر تسجيل الطلاب السوريين في المدارس الرسمية والخاصة بمن يستوفي منهم شروط قانون الاقامة، لأن بتراجعها عن هذا الخطأ لا تكون قد سجلت فضيلة فحسب، انما عززت سلطة وسيادة وشرعية القانون الذي يمنع تسجيل اي طالب اجنبي مقيم على الاراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية اي تكن جنسيته ومهما كانت ظروفه واسباب مخالفته للقانون.
وقال استطرادا: لا احد يمكنه المزايدة علينا بحقوق الناس، لكن وبغض النظر عن حق كل طفل على وجه الارض بتلقي التعليم والتحصيل العلمي، الا ان ما صدر عن مديرية التعليم المهني والتقني كان مخالفا وبصوت صارخ للقوانين اللبنانية، وكان اجدى بالحكومة ان تطلب من مجلس النواب تعديل القانون ومن ثم اصدار التعميم موضوع الصرخة الوطنية والرفض الشعبي، لا ان تنتهكه عنوة ايا تكن الاسباب والظروف والموجبات.
وأضاف: كان اجدى بالحريص على الطلاب السوريين، ان يبدي حرصه على الطلاب اللبنانيين بالدرجة الاولى قبل ابداء حرصه على غيرهم من الطلاب الاجانب، وذلك عبر تأمين مجانية التعليم لهم، لا ان يثقل كاهل العائلات الفقيرة والمحدودة الدخل بمبلغ 50 دولارا رسم تسجيل، وبلائحة كتب تسبح اسعارها في عالم الخيال، وبانعدام المواصلات التي تسمح بانتقال الطلاب إلى مدارسهم ومعاهدهم، فمن غير المقبول بالتالي تأمين التعليم المجاني بكل مستلزماته في المدارس الخاصة والرسمية لغير اللبنانيين، فيما الدولة اللبنانية التي من المفترض ان تكون الراعية لمصالح شعبها، تلتزم الصمت القاتل امام عجز الاهالي عن تعليم فلذات اكبادهم.
وردا على سؤال، أكد محفوض ان عملية الدمج بين الطلاب اللبانيين والسوريين غير واردة على الاطلاق ولن تبصر النور، فالمطلوب وبإلحاح تعليم السوريين وفقا للمنهاج السوري وليس اللبناني، وما دونه اجراء لابد منه يعني الترحيب بتوطينهم وبقائهم على الاراضي اللبنانية، وبالتالي منافسة اللبناني في الوظيفة، ما يعني ان قرار مديرية التعليم المهني والتقني كان عن قصد او عن غير قصد خطوة اساسية باتجاه التوطين.
هذا، وأكد محفوض انه لو بقي القرار موضوع الصرخة الوطنية على مضمونه السابق، لكان سيشجع آلاف الطلاب في الداخل السوري على التسلل مع عائلاتهم إلى الداخل اللبناني للاستفادة من هذا العرض المغري، فالحكومة اللبنانية تتصرف على قاعدة «الناقض والمنقوض» اذ انها بعد حملتها وسط اجماع وطني غير مسبوق من اقصى المعارضة إلى اقصى الموالاة على ترحيل النازحين السوريين لاسيما غير الشرعيين منهم، رأيناها بالامس من خلال قرار مديرية التعليم المهني، تضرب حملتها بالصميم وارادة اللبنانيين بإعادة السوريين إلى بلادهم.
وتابع في سياق رده: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتصرف بما تمليه عليها مصالحها ومصالح القيمين عليها دوليا، ناهيك عن وجود جمعيات لبنانية تتاجر بالنزوح السوري بقصد تحقيق ارباح مالية ومكتسبات مادية، اضافة إلى وجود عدد من المدارس الخاصة التي لا تبغي سوى الربح والتي تسارع إلى استقبال وتسجيل الطلاب السوريين وتبديتهم على الطلاب اللبنانيين بغية الاستفادة من التقديمات المالية السريعة والمضمونة من الامم المتحدة، وذلك مقابل تخلي الحكومة اللبنانية عن مسؤولياتها في إدارة الملف التربوي بما يؤمن مصالح الطلاب والاساتذة اللبنانيين قبل اي مصلحة اخرى لغيرهم من الطلاب والاساتذة الاجانب، انها المهزلة بكل ما للكلمة من معنى.
وختم محفوض معربا عن اسفه لكون لبنان تحول بفعل الفوضى وتوالي الانهيارات وسط انعدام المسؤولية لدى السلطة، إلى مشروع تصدير للطلاب اللبنانيين خصوصا بعد ثورة 17 اكتوبر 2019، فهل تعلم الحكومة اللبنانية ان ما يناهز 30% من الطلاب اللبنانيين إلى جانب النخبة من الكفاءات التعليمية والتربوية هاجروا بقصد تأمين العمل ومستقبل آمن؟ ما يعني ان قوى الانتاج الحقيقية تترك البلاد هربا من واقع مرير، وهنا يكمن الخطر الاكبر ليس فقط على القطاع التربوي فحسب انما على لبنان ومستقبل اللبنانيين ككل.