جاء في “الراي الكويتية”:قشه
على وقع ما بدا أقرب إلى «البيان الرقم 1» من الجيش الإسرائيلي ببدء العمل لـ «تحقيق كل أهداف الحرب وإيجاد حالة أمنية في الشمال تسمح بعودة السكان إلى منازلهم»، وتحت «وابلٍ» من الغارات الوهمية غير المسبوقة في سماء بيروت والضاحية الجنوبية، أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عصر أمس في خطابِ «رفْع المعنويات» غداة مجزرتي «البيجر» و«اللاسلكي المحمول» اللتين أقرّ بأنهما «ضربة قاسية وقوية وكبيرة وغير مسبوقة في تاريخ المقاومة ولبنان والصراع مع العدو وربما في العالم».
وحَمَلَ أول الكلام لنصرالله بعد ما يشبه «11 أيلول السيبراني» ضدّ حزبه والذي سَقَطَ فيه الثلثاء والأربعاء 37 ضحية (نعى الحزب 25 من عناصره سقطوا بتفجير أجهزة «ايكوم») و2931 جريحاً، المئات منهم إصاباتهم حرجة، مؤشرات إلى حرص الحزب على رفْع معنويات بيئته وأفراده بعد ضربة «تحت الحزام» التي نجحتْ فيها إسرائيل بتحويل آلاف أجهزة النداء (بيجر) واللاسلكي المحمول قنابل موقوتة و«أحصنة طروادة» زُرعتْ في عقر داره وتم تفجيرها بحامليها بعد تفخيخها الذي مازال لغزاً يَستدرج سيناريوهات «هوليوودية».
وفي إطلالته التي عَكَس أنها كانت مسجّلةً – وهو ما اعتُبر من تشظيات «الاجتياح الأمني والسيبراني» – عدم تطرق نصرالله إلى اهتزاز العاصمة والضاحية بالغارات الوهمية وإلقاء البالونات الحرارية، حاوَلَ الأمين العام تكبير هدف العدوان الذي كان يَرْمي «إلى قتل 5 آلاف شخص في دقيقتين (الثلثاء والأربعاء) وبمعزل عمن قد يقتل في محيطهم»، وتصغير نتائجه على صعيد تحقيق 4 أهداف رسمتْها تل أبيب لِما أسماه «عملية إرهابية كبرى وإبادة جماعية أو إعلان حرب»، وضع تحتها خطّ «لا تَحْلموا».
فنصرالله أكد أن «التفجيرات التي كانت بالنسبة لنا ثقيلة ودامية وامتحاناً كبيراً لم تُسقطنا ولن تُسقطنا»، وهي لم تتسّبب بوقوع «ما أراده العدو من شهداء بفعل عوامل عدة بينها الجهود البشرية واللهفة من الناس والقطاع الطبي»، كما أنها لن تفضي إلى فصل جبهة جنوب لبنان عن جبهة غزة «وقد تلقينا بعد الضربتين رسائل عدة عبر قنوات رسمية وغير رسمية مفادها، أوقِفوا القتال على جبهة لبنان وإلا لدينا المزيد… وباسم الشهداء والجرحى نقول لنتنياهو وغالانت وحكومة العدو ومجتمعه، جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزة أياً تكن التضحيات والعواقب والاحتمالات والأفق الذي تذهب إليه المنطقة، ولا تحلموا بذلك».
وفي الإطار نفسه، شدد على أن هدف «زلزلة بيئة المقاومة سقط» وكذلك ضرْب بنية «حزب الله» والقيادة والسيطرة «فهذا لم يحصل لحظة واحدة إطلاقاً واستعداداتنا عالية، وليعرف العدو أن ما حصل لن يمس بقدرتنا ولا حضورنا في الجبهات بل يزيدنا صلابة»، مؤكداً أيضاً سقوط هدف زرع المزيد من الشرخ على الصعيد الوطني.
وإذ كشف «أننا شكّلنا لجان تحقيق داخلية متعددة فنية وأمنية وتقنية وتم درس كل الاحتمالات والفرضيات ووصلنا إلى نتيجة شبه قطعية ونحتاج إلى بعض الوقت للجزم، مجمل هذا الملف من المنتِج إلى المستهلك إلى لحظة التفجير هو محلّ تحقيق ليبنى على الشيء مقتضاه»، توعَّد إسرائيل بأن العدوان الكبير «سيواجَه بحساب عسير وقصاص عادل من حيث يَحتسبون أو لا يحتسبون، ولكن لأن المعركة الجديدة كانت في أوجه خفية، لن أتحدث لا عن وقت ولا شكل ولا مكان، والخبر هو ما ترون لا ما تسمعون، والحساب سيأتي: كيف، أين، ومتى؟ هذا نحتفظ به لأنفسنا وفي أضيق دائرة في أنفسنا».
وفي حين اعتُبر كلام نصرالله عن «الدائرة الأضيق» انعكاساً للخشية من وجود اختراقاتٍ اسرائيلية، أطلّ الأمين العام على التهديدات الإسرائيلية بإقامة حزام أمني في جنوب لبنان لضمان عودة المستوطنين، متوعّداً «نأمل أن تدخل إسرائيل جنوب لبنان لأنها ستكون فرصة تاريخية، وسيتحوّل هذا الحزام إلى فخ ووحل وجهنم وفي حال قرروا المجيء بأنفسهم نقول لهم أهلا بكم، ولن تستطيعوا إعادة المستوطنين مهما فعلتم. وأقول لنتنياهو وغالانت افعلوا ما شئتم. هذا تحدٍّ كبير بيننا وبينكم والسبيل الوحيد هو وقف العدوان على غزة. لا تصعيد ولا اغتيالات ولا حرب شاملة يمكنها إعادة هؤلاء بل بالعكس ما ستقدمون عليه يزيد تهجير السكان في الشمال».
الهبّة الأعنف جنوباً
وترافقت كلمة نصرالله مع هبّة تسخين هي الأعنف على جبهة الجنوب، عمليات من «حزب الله»، كانت أدت نهاراً إلى مقتل رائد وجندي وجرح نحو 11 آخرين، وغارات إسرائيلية على عمق الجنوب وفي مناطق تبعد أكثر من 20 كيلومتراً عن الحدود وخصوصاً في قضاء صور المكتظ بالسكان والنازحين، وذلك على وقع ترجمة إعلان وزير الدفاع يوآف غالانت «بأننا في بداية مرحلة جديدة من الحرب في الشمال وأن مركز الثقل يتحول إلى هناك من خلال تحويل الموارد والقوات»، عبر مصادقة رئيس الأركان الجنرال هيرتسي هاليفي على الخطط للجبهة الشمالية.
ووسط مخاوف من استغلال إسرائيل «الدفرسوار» الذي أحدثته ضربتا الثلاثاء والأربعاء في «خط اتصالات» حزب الله وشبكاته، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «يهاجم أهدافاً للحزب في لبنان، بهدف تجريد قدرات وبنىً تحتية إرهابية عسكرية تابعة له».
ولم يقلّ دلالة على حراجة اللحظة إعلان الناطق باسم الحكومة «سنرد بقوة على اعتداءات حزب الله» وما نقلته «هآرتس» عن «أن المؤسسة الأمنية عرضت على الحكومة تداعيات توسيع الحرب إلى لبنان على الجبهة الداخلية وتنتظر القرار»، وتأكيد مسؤولين إسرائيليين لوكالة «بلومبرغ»، أن «الدبلوماسية مع حزب الله تفشل وسنضطر لإجراءات أقوى لإبعاد مقاتليه عن الحدود»، وصولاً لإعلان غالانت أنه «في المرحلة الجديدة للحرب هناك فرص كبيرة وأيضاً مخاطرة جسيمة».
وفيما كانت العيون شاخصة على نيويورك عشية الجلسة الطارئة لمجلس الأمن لبحث الوضع في لبنان، ناقش اجتماع أميركي – فرنسي – ألماني – إيطالي – بريطاني في باريس، التطورات وخلص إلى أهمية خفض التصعيد.