جاء في جريدة “الأنباء” الإلكترونيّة:
انتهى أسبوع التصعيد الأعنف بين إسرائيل و”حزب الله” بحصيلة كارثية غير نهائية بعد، فاقت الـ80 قتيلا بين عناصر للحزب ومدنيين، وأكثر من 4000 جريح، والأرقام مرشّحة للارتفاع أكثر مع وجود مفقودين وجرحى بحالات خطرة في المستشفيات.
أسبوع من التصعيد أطلقته إسرائيل مع تحديث أهداف الحرب وإضافة بند “إعادة سكّان الشمال إلى مستوطناتهم”، بدأ بتفجير أجهزة “بايجرز” ثم أجهزة الاتصال اللاسلكي، واستُكملت بقصف عنيف يوم الخميس، إلى أن حصل الاستهداف الأخطر، وهو قصف الضاحية الجنوبية.
تخطّت إسرائيل هذا الأسبوع كافة الخطوط الحمراء التي رسمها “حزب الله” وخرقت كافة قواعد الاشتباك، فاستهدفت المدنيين وقتلتهم، وقصفت عمق الضاحية الجنوبية، وأفقدت الحزب قادة وحدته النخبوية “الرضوان” والعديد من قادة الصف الأول.
رسالة واضحة أرادت إسرائيل إرسالها إلى “حزب الله”، وفق ما رأت مصادر متابعة عن كثب لمستجدات الأسبوع الماضي، وهي “التصعيد المبدئي”، أي تجربة سيناريو الحرب الشاملة دون إطلاقها، والتي ستشمل خسائر بشرية فادحة تفوق قدرة المستشفيات على تحملها، وقصف عنيف يطال عمق لبنان.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفتت المصادر إلى أن إسرائيل أوصلت رسالتها بالنار إلى “حزب الله”، وقد تتراجع حدّة الضربات نسبياً هذين اليومين لتعرف إسرائيل نتيجة ضرباتها ميدانياً، وهذا يتناسب مع تصريح رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو حينما قال “وجهنا سلسلة من الضربات، وإذا لم يكن حزب الله قد فهم الرسالة، فأنا أؤكد لكم أنه سيفهمها”.
في هذا السياق، أطلق “حزب الله” فجر الأحد ردّه “الأولي” كما وصفه على الاستهدافات الإسرائيلية، فأطلق صواريخ “فادي 1 و”فادي 2” على حيفا مستهدفاً قاعدة ديفد رامات الجوية العسكرية ومصانع رفائيل للصناعات العسكرية، لكنه أصاب محيط المنشأتين حسب المعلومات الأولية، وقتل إسرائيلياً واحداً وجرح 8.
وحدها الولايات المتحدة قادرة على وقف حمام الدماء عبر وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وهذا ما يؤكده الرئيس وليد جنبلاط، وهذا ما يحتّمه فارق القدرات العسكرية والاستخباراتية والسيبرانية وغياب توازن القوّة وفق ما يُجمع الخبراء العسكريون، لأن “حزب الله” غير قادر على استهدافات مماثلة لاغتيال قادة مجموعة “الرضوان”، أو لعمليات أمنية مُشابهة لعمليتيت “بايجرز” وأجهزة اللاسلكي.
إلّا أن الحزب توعّد إسرائيل على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم، الذي قال إن “الحساب بات مفتوحاً”، لأن العمليات النوعية ضدّه كانت كثيرة في الأسبوع الماضي وكلها تستوجب ردوداً نوعية، لكنه في الوقت نفسه سيحرص على ألا ينجر إلى حرب شاملة لا تخدم مصلحته وتهدّد لبنان بسيناريو غزّة.
هذه الرسالة أرسلها رئيس مجلس النواب نبيه برّي ليل أمس بحديث صحافي، قال خلاله إن لبنان لن يقع في فخ إسرائيل ولن ينجر إلى حرب شاملة، هو يلتزم قواعد الاشتباك، وبالتالي فإن نيّة “حزب الله” واضحة وهي عدم التصعيد مع الإبقاء على ردوده بدرجة أقل من الاستهدافات الإسرائيلية، وهذا ما أكّده الميدان في الفترة الأخيرة.
في سياق، من المرتقب أن يصل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت في الساعات المقبلة، ليُلاقي بطريقة أو بأخرى طروحات جنبلاط لجهة وقف إطلاق النار والإلتزام بالقرار 1701، وتكتسب الزيارة أهمية كون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أضاف من زخم دبلوماسيته على خط لبنان – إسرائيل وتواصل مع نتنياهو قبل أيام.
وحسب المعلومات، سيطرح لودريان أفكاراً منسقة مع السعودية للتخفيف من حدّة التصعيد جنوباً، وقد يتلاقى مع الطروحات الأميركية عبر التطرّق إلى ما يطرح مبعوث الولايات المتحدة آموس هوكشتاين، لكن الآمال على إحداث خرق فعلي ضئيلة جداً، كون الولايات المتحدة نفسها لم تتمكّن من تحقيق نتائج فعلية، ونتنياهو يستغل فترة الوقت الضائع حتى الانتخابات الأميركية ليُنفّذ مشاريعه في المنطقة.
إذاً، فإن المنطقة على شفير هاوية خطيرة وفق وصف الأمم المتحدة، وفي حال لم تتوقف إسرائيل عن تصعيدها ولم يسر “حزب الله” بالتسويات، فإن تهديد الحرب الشاملة قد يُصبح واقعاً لا مفر منه، وهذا ما يتم التحذير منه وبشكل كبير في الفترة الأخيرة.