كتب علي بردى في “الشرق الأوسط”:
هيمن الوضع المتفجر عبر الحدود اللبنانية – الإسرائيلية على أعمال اليوم الثاني من الاجتماعات رفيعة المستوى للدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وسط مخاوف جديّة عبر عنها دبلوماسيون من قيام إسرائيل بغزو بري سعياً إلى وقف هجمات «حزب الله» عبر الحدود، وقطع صلة «جبهة الإسناد» التي فتحها تضامناً مع «حماس» في غزة.
وكشف دبلوماسيون كبار من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لـ«الشرق الأوسط» أن الوضع المتردي عبر الخط الأزرق والتصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» وصل إلى «نقطة اللاعودة» بسبب تمسك الطرفين بمواقفهما. وعبّر أحدهم عن «تشاؤم حيال هذا الوضع»، مضيفاً أن إسرائيل «تستعد لغزو بري يبدو وشيكاً».
ووسط جهود أميركية مكثفة لـ«منع حصول حرب شاملة» حذر منها الرئيس جو بايدن على منبر الجمعية العامة، استبقت الدبلوماسية الفرنسية الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن مساء الأربعاء حول التصعيد عبر الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، ودخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على خط الاتصالات بما في ذلك مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، أملاً في تدخل طهران مع القوى والميليشيات التي ترعاها في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن لوقف الهجمات ضد إسرائيل ووقف زعزعة الاستقرار الهش في الشرق الأوسط. وخلال هذا الاجتماع، طلب ماكرون من بزشكيان استخدام طهران «لنفوذها لدى الأطراف المزعزعة للاستقرار التي تتلقى دعمها من أجل المضي نحو وقف لإطلاق النار في غزة ووقف للأعمال العدائية» و«دعم تهدئة عامة» في الشرق الأوسط.
وطبقاً لدبلوماسي غربي رفيع تحدث لـ«الشرق الأوسط» بشرط عدم نشر اسمه نظراً لحساسية الموضوع، فإن «المساعي لاتخاذ موقف موحد من مجلس الأمن يدعو إلى وقف التصعيد» عبر الخط الأزرق «لا يلقى الكثير من الحماسة من جانب الولايات المتحدة» التي «تفضل العمل على خط الاتصالات الثنائية مع القوى المعنية من أجل وقف التدهور»، مشيراً إلى «إحباط» دول مجلس الأمن من هذا الموقف الأميركي.
«إنذار أخير»؟
وخلال نشاطات الجمعية العامة، رأى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن موقف إسرائيل أظهر مرة أخرى أنه من الضروري للمجتمع الدولي أن يطور آلية لحماية المدنيين الفلسطينيين. وقال إنه «في بيئة لا يتم فيها تنفيذ القرارات الدولية، ينبغي إدراج التدابير القسرية ضد إسرائيل على جدول الأعمال». وأضاف: «كما أوقف تحالف الإنسانية هتلر قبل سبعين عاماً، فلا بد أن يوقف تحالف الإنسانية (رئيس الوزراء الإسرائيلي) نتنياهو وشبكة القتل التابعة له».
وكان نتنياهو أرجأ مجيئه إلى نيويورك من الأربعاء إلى الخميس في ظل التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله». وسرب دبلوماسيون أن نتنياهو يستعد لتوجيه «إنذار أخير» لـ«حزب الله» قبل إعلان الحرب.
وحاول رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إجراء مشاورات عاجلة للجم أي تحرك بري إسرائيلي في اتجاه الأراضي اللبنانية.
وكذلك قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إن «الحرب الوحشية» الجارية في غزة أطلقت «رصاصة الرحمة» على الشرعية الدولية.
الموقف الإيراني
وشدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي فوراً على إنهاء العنف والوقف الدائم لإطلاق النار في غزة، ووضع حد لما وصفها «الهمجية البائسة» من إسرائيل في لبنان قبل أن تمتد إلى كل المنطقة والعالم. وحول علاقات بلاده مع المجتمع الدولي، قال إن الفرصة متاحة لدخول عصر جديد يبدأ بالاعتراف بمخاوف إيران الأمنية والتعاون بشأن التحديات المشتركة، ومن أجل بناء عالم أفضل.
وقال ولي العهد البحريني رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إن «المطلوب هو تنفيذ وقف إطلاق نار فوري، والإفراج عن جميع الرهائن، وتبني مسار لا رجعة فيه لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، ويجب أن يحدث ذلك الآن». وذكر بدعوة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للمجتمع الدولي من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط. وندد الرئيس الموريتاني ولد الغزواني بـ«الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان»، مطالباً بوقفها.
وأكد رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش أن بلاده ملتزمة بالتسوية السلمية للنزاعات وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، مكرراً التزام المغرب بالتوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع حول الصحراء «على أساس مبادرة الحكم الذاتي حصراً وفي إطار الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمملكة». وأضاف أن الاهتمام بالأوضاع الداخلية «لن ينسينا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني». كما عبر عن تضامن المغرب الكامل مع لبنان حكومة وشعباً.
تظاهرات ضد الحرب
في غضون ذلك، شارك متظاهرون في نيويورك وعدد من المدن الأميركية في احتجاجات تندد بالدعم العسكري الأميركي لإسرائيل في وقت تزايدت فيه مخاطر اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط. وطالب ناشطون بفرض حظر على إرسال الأسلحة لإسرائيل.
ونظم تحالف «آنسر» حشداً في هيرالد سكوير في نيويورك، حيث حمل العشرات لافتات فيها «ارفعوا أيديكم عن لبنان الآن» و«لا لحرب أميركية – إسرائيلية على لبنان».
ونظمت مظاهرة أصغر شهدت حمل لافتات والهتاف بشعارات مماثلة قرب البيت الأبيض في واشنطن ليل الثلاثاء. وقال تحالف «آنسر» في بيان إن «هجمات إسرائيل في لبنان والحصار المستمر والإبادة الجماعية في غزة أصبحت ممكنة بسبب الكم الهائل من القنابل والصواريخ والطائرات الحربية التي تقدمها الحكومة الأميركية». وأضاف أن احتجاجات مماثلة خرجت في مدن أخرى منها سان فرنسيسكو وسياتل وسان أنطونيو وفينيكس.