كتبت أسماء إسماعيل في “الأخبار”:
بعد دخول العدوان الإسرائيلي المكثف على لبنان أسبوعه الثاني، بدأت تبرز قضايا تتعلق بتأمين الحاجات الأساسية للمواطنين، ومنها توفير الخبز في ظلّ المخاوف من نفاد مخزون الطحين ونقص العمالة في الأفران، مع اضطرار عمال كثر وعائلاتهم إلى النزوح وتوجّه العديد من الأفران للإغلاق، وسط مساعٍ لضمان استمرار توفير الخبز وتفادي أيّ انقطاع محتمل.حتى الآن، بلغ عدد الأفران والمخابز التي أقفلت في لبنان بسبب الأوضاع الناتجة من العدوان الصهيوني، نحو 50 فرناً في مناطق مختلفة من الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب. في المقابل، أدّى النزوح الكثيف من هذه المناطق إلى مناطق أخرى إلى زيادة هائلة في الطلب على الخبز ومنتجات الطحين الأخرى. هكذا اختلف المشهد بين عمال عاطلين من العمل، وبين أفران لا يمكنها أن تعمل وأفران بدأت تعاني من نقص في العمال. وقد أتى هذا الأمر في سياق اتفاق عقدته نقابات الأفران والمخابز مع مكتب الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد والتجارة بهدف تنشيط العمالة اللبنانية. يقول أمين سر اتحاد نقابات الأفران والمخابز في لبنان، نعيم خواجة، إن الخطة المتفق عليها وبدأ تنفيذها منذ آب الماضي، تضمّنت «حصر توظيف اللبنانيين في صالات المبيعات والمحاسبة، والعمل على استقطابهم في المصانع وخطوط الإنتاج»، إلا أن الواقع جاء مخالفاً، إذ إنه «بسبب قلّة إقبال اللبنانيين على العمل في الأفران، تستحوذ العمالة الأجنبية، تلقائياً، على الأقسام المخصصة للبنانيين في الخطة». وذلك يعود إلى أن بعض مجالات العمل في الأفران «تتطلّب خبرة ومجهوداً جسدياً وتحمّل درجات حرارة مرتفعة، وهي ظروف لم يعتَدها العامل اللبناني»، بينما العمالة الأجنبية موجودة منذ سنوات في هذا المجال ولديها الخبرة الملائمة».
المهم، جاءت الحرب لتعيد خلط الأوراق، فعمدت الأفران، التي زاد الطلب الاستهلاكي لديها، إلى «تأمين حاجاتها من العمال من النازحين» وفق نقيب عمال الأفران، شحادة المصري. ويلفت خواجة إلى أن ما حصل لم يؤدّ إلى تسجيل «نقص في تلبية الحاجات الاستهلاكية من الخبز». لكنّ الأمر لم يحصل بهذه البساطة، إذ إن العامل اللبناني حصل على شروط عمل أفضل من العامل الأجنبي. وبحسب خواجة «أعطيت تسهيلات للعامل للبناني (بموجب الخطّة)، مثل خفض ساعات العمل إلى 6 ساعات بدلاً من 9 ساعات، وجرى توفير التدريب المناسب لإعداد اللبنانيين للعمل في هذا القطاع. كما تم الاتفاق على عدم السماح لمن هم دون الـ 20 عاماً بالعمل في هذا المجال». واللافت أن الأجور المدفوعة لقاء العمل في الأفران تحسّنت قليلاً، إذ «تبدأ من 350 دولاراً لعمال النظافة، وتصل إلى 500 دولار للعامل الجديد و550 دولاراً للعامل من ذوي الخبرة. وتختلف الأجور بناءً على القسم وساعات العمل» وفق خواجة.
والإقفال في الأفران لم يكن شاملاً كل المناطق التي تتعرّض للعدوان، إذ يقول المصري إن «بعض الأفران في الضاحية الجنوبية لبيروت، مثل فرن الوفاء وفرن الكفاءات، استمرت في العمل رغم المخاطر، بينما يتعرض الضغط الأكبر حالياً على الأفران في جبل لبنان والشمال».
45000 طن هي كمية القمح
المتوافرة في لبنان، وتكفي الطلب الاستهلاكي على الخبز بكل أنواعه ومشتقاته لأكثر من شهر، فضلاً عن أنه توجد شحنات قيد التفريغ محمّلة بنحو 40 ألف طن، ما يضمن تلبية احتياجات الأفران لمدة تزيد عن شهر آخر، علماً أن المواد الأساسية مثل: المحروقات، الخميرة، والسكر متوفرة لأسابيع أيضاً.