كتبت اتحاد درويش في “الانباء الكويتية”:
إرباك وحذر يسودان الشارع اللبناني بعد توسع الغارات الإسرائيلية التي باتت تنشر نيرانها على أكثر من بقعة من لبنان، وما يتردد على كل شفة ولسان عبارة واحدة: «لازلنا على قيد الحياة ويا خوفنا من تكرار سيناريو غزة».
عند الواحدة إلا عشر دقائق من فجر الاثنين هز انفجار منطقة الكولا، وهذه المرة الأولى التي يستهدف فيها قلب العاصمة بيروت. وتبين لاحقا أن الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارة على شقة سكنية واقعة في المنطقة، وأعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة» عن مقتل ثلاثة من عناصرها في الهجوم.
وفي جولة لـ«الأنباء» على موقع الانفجار والوقوف على أحوال أهالي المنطقة الذين أمضى بعضهم ليلته في الطرقات، آثر معظمهم عدم التعليق على ما جرى. في وقت انتشر الجيش اللبناني وضرب طوقا أمنيا حول المبنى، ومنع المشاة من الاقتراب خشية انهيار الطوابق التي تعرضت للتصدع، وبقي الردم عالقا في محيط المبنى.
وتعتبر منطقة الكولا المكتظة بالسكان والتي يملؤها الضجيج في ساعات الذروة، محطة أساسية تتجمع فيها الباصات وسيارات الأجرة والتاكسي التي تقل المواطنين من وإلى كافة المناطق اللبنانية وخارجها. وقد خلت بالأمس من قاصديها باستثناء بعض المحال والمؤسسات التي فتحت أبوابها لساعات قليلة، بعد أن تحولت إلى منطقة يسيطر عليها الحزن والأسى.
وعليه يبقى المواطن اللبناني يسارع الخطى في الشارع لشراء حاجياته من مواد غذائية وأدوية وغيرها. ولوحظ فقدان الخضار والفاكهة من الأسواق التي تنقل ليلا إلى المحال والمتاجر من خارج العاصمة بيروت. فيما توافرت بقية السلع التي ضربها عصف الغلاء من دون مبرر.
الا أن المخاوف كبيرة من أن يشتد الخناق على لبنان، الذي سيؤدي حكما إلى جنون الأسعار مع فقدان المواد الأساسية والمحروقات، وتشرع عندها الأبواب للسوق السوداء.
وفي وقت يشهد لبنان أكبر موجة نزوح، تعاني بعض المناطق التي قصدها النازحون بسبب الأوضاع الأمنية، إقدام بعض المستفيدين من هذا الواقع المستجد إلى استغلال النازح بطلب بدلات إيجار الشقق السكنية بأسعار مرتفعة جدا. لكن الغالبية العظمى من اللبنانيين تمد يد العون والمساندة، ومنهم من استقبل في منزله عائلات نازحة، وباتت بعض البيوت تضم أكثر من عائلة واحدة، حيث يتم تقاسم الغرف والمأكل والمشرب دون منة، في أجواء من التآخي والتآلف.