كتب داود رمال في “الانباء الكويتة”:
شكّل إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى انتخاب رئيس توافقي بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي 1701، صدمة سياسية غير مسبوقة في المشهد اللبناني المتأزم.
وفتحت هذه الخطوة باب التساؤلات حول مدى نضج الظروف المحلية والدولية لإنجاز هذا الاستحقاق الرئاسي، بعدما شارف لبنان على إكمال سنتين من الفراغ الرئاسي.
وقال مصدر وزاري لـ «الأنباء»: «توقيت هذا الإعلان يثير التساؤل حول ما الذي تغير ليجعل الأجواء مؤاتية لانتخاب رئيس بعد فترة طويلة من الجمود. ويبدو أن المبادرات الديبلوماسية الدولية، وخصوصا ما نتج عن تحركات اللجنة الخماسية والسفراء الغربيين، مهدت الطريق لطرح خيار التوافق، بعدما وصلت المواجهة بين المعارضة ومحور الممانعة إلى طريق مسدود. وهذا الحراك يندرج ضمن استراتيجية تهدف إلى تجنب فرض أي فريق لرئيس يشكل تحديا للفريق الآخر».
وأوضح المصدر ان «إعلان ميقاتي جاء ليعكس توجها جديدا لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي بدا وكأنه تخلى عن دعمه الصريح لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ما أثار تساؤلات حول موقف حزب الله، منها: هل هذا التغير يعكس تنسيقا بين الطرفين، أم أن حزب الله يتعامل حاليا مع تداعيات اغتيال أمينه العام (السيد حسن نصرالله)؟ والبعض يرى أن الحزب قد يفوض بري في الملف الرئاسي، ولكن يبقى رد فعل الحزب غير واضح حتى الآن».
وأضاف المصدر «إن التوافق على رئيس ليس بالمسألة السهلة، في ظل انقسام الكتل النيابية وانقطاع التواصل بين المعارضة والممانعة. ولكن بري المعروف بقدرته على تدوير الزوايا، قد يكون مفتاح الحل في هذه المرحلة، وهذا ما يراهن عليه المجتمع الدولي. ومع ذلك، يتطلب هذا التوافق استعدادا سياسيا من الكتل النيابية، وتحديدا المعارضة، لتقديم تنازلات وقبول شخصية قد لا تكون مرضية لجميع الأطراف ولكنها تمثل حلا وسطا».
واعتبر المصدر ان «الرهان الأكبر الآن هو على إمكانية تحقيق تسوية تشمل ليس فقط رئاسة الجمهورية، بل أيضا تشكيل حكومة فعالة قادرة على معالجة الأزمات المتراكمة في لبنان. ورئيس مجلس النواب يملك القدرة على تحريك الأمور، كما فعل في محطات سابقة. وهذه المرة قد تكون التسوية في إطار لبناني محلي وبمظلة دولية وعربية داعمة، من دون الحاجة إلى عقد مؤتمر للقيادات اللبنانية سواء في بيروت أو في عاصمة عربية أو أجنبية».
وأكد المصدر «أن لبنان يبدو على مشارف فرصة حقيقية لإنهاء الفراغ الرئاسي، ولكن نجاح هذه الفرصة يعتمد في شكل كبير على قدرة الأطراف اللبنانية على التفاهم والتواصل فيما بينها، وخصوصا المعارضة التي عليها أن تتعاطى مع موقف بري بمرونة ومسؤولية. هذه الخطوة قد تكون البداية لإعادة الاستقرار السياسي في البلاد، شرط أن يتم التوافق على رئيس قادر على قيادة لبنان نحو التعافي، والأهم انه قادر على التكلم مع الجميع في الخارج والداخل».