IMLebanon

مخطّطات فرار تُحاك في السّجون؟!

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

24 ساعة هي المدة التي “تنفس” فيها حوالى 138 سجيناً فروا من سجن جزين في 29 أيلول الماضي الحرية قبل أن تتمكن القوى الأمنية من إلقاء القبض على 136 سجيناً. أما الإثنين الباقيين فتمً توقيفهما لاحقاً بعدما حاول أحدهما الهرب في سيارة مسروقة.

نزلاء سجن جزين كانوا حتى بدء الغارات الإسرائيلية على الجنوب يعيشون وسط ظروف جد إستثنائية كما حال باقي السجناء في باقي السجون اللبنانية. إلا أن شدة القصف على بعض المناطق والقرى الجنوبية دفعت المسؤولين الأمنيين إلى اتخاذ قرار بنقل سجناء من نظارات في مناطق مهددة بالقصف ومنها النبطية إلى سجن جزين. وتوضح مصادر أمنية لـ”المركزية” أن عملية الفرار تمت بمساعدة مجموعات مسلحة وصلت إلى السجن وعملت على تسهيل عملية فرار السجناء قبل أن تتمكن القوى الأمنية والأجهزة المختصة من إلقاء القبض عليهم وتوزيعهم على نظارات أخرى لأن الإكتظاظ في سجن روميه لا يسمح بنقل هذا العدد من السجناء إليه.

إلا أن ما حصل في سجن جزين لا يعدُ حدثا أمنيا جديدا. فعمليات فرار السجناء تحصل في أرقى الدول وأكثر السجون حداثة وتطورا، فكيف الحال في لبنان وتحديدا في ظل الظروف الإستثنائية التي يعيشها؟ ويرد رئيس برنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية المحامي محمد صبلوح أسباب الفرار من السجون اللبنانية إلى الإكتظاظ الحاصل فيها والبطء في المحاكمات، بحيث تصل نسبة السجناء الذين لم يمثلوا أمام القضاء على رغم انقضاء مهلة توقيفهم إلى 83 في المئة عدا عن الذين انهوا مدة محكوميتهم مما يخلق وضعا نفسيا مأزوما لدى السجين ويدفعه إلى التمرد بطبيعة الحال”.

ويضيف: “أما اليوم فهناك الأوضاع الأمنية والقصف الناتج عن الغارات الإسرائيلية مما ساهم في تأزيم الوضع النفسي لدى السجناء خصوصا أنهم غير ملمين بمجريات الأحداث الأمنية وحقيقة تطور الأوضاع الميدانية وانعدام الزيارات بسبب الأوضاع الأمنية لا سيما في السجون الواقعة في مناطق تتعرض للقصف.

ما حصل في سجن جزين كاد يتكرر في سجن بعلبك، يقول صبلوح، لولا تدارك القوى الأمنية والجيش اللبناني الأمر . اما في سجن روميه فتردد عن تمرد السجناء في المبنى ب الذي يضم عددا كبيرا من المتهمين بالإرهاب والمنتمين إلى جماعات إسلامية متشددة. لكن ما يطمئن بالنسبة إلى سجن روميه وجود عدد كبير من الثكنات التابعة لأجهزة أمنية قربه إضافة إلى نقاط محددة للجيش اللبناني مما يجعل منها منطقة عسكرية بامتياز ولا يمكن توقع حصول أي عملية فرار من مباني سجن روميه.

ويلفت صبلوح إلى أزمة الإكتظاظ في سجن رومية “هناك 3700 سجين في حين أن العدد المحدد للسجناء لا يجب أن يتعدى ال1500. والمؤسف أنه لا توجد عيادة طبية واحدة ولا طبيب مناوب في السجن ومنذ حوالى الشهر توفي سجين بسبب تعرضه لأزمة قلبية ولفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يصل أحد الأطباء ويتمكن من فحصه ونقله إلى إحدى المستشفيات”.

ويرد أسباب الفرار من سجن جزين والتمرد الذي حصل في سجن رومية إلى الخوف الذي أحاط بالسجناء وفي محاولة لجذب انتباه المسؤولين والرأي العام المحلي ليقولوا لهم “نحن هنا فلا تنسونا”.
بالتوازي، يشير صبلوح إلى أن القرار بقمع أي عملية تهريب اتخذ، بدليل أن عملية إلقاء القبض على السجناء الفارين من سجن جزين تمت في خلال 24 ساعة، لكن يبدو أن الدولة التي عجزت عن تأمين مراكز إيواء النازحين، علما أنها كانت على علم بأن الأوضاع العسكرية ستتطور وستكون هناك موجات نزوح من المناطق الجنوبية تنكرت لوضع السجون اللبنانية في هذه الحرب، ولذلك لا يمكن أن نلقي اللوم على السجناء لأنهم يعيشون حالا من القلق والخوف على مصيرهم ويخشون أن تنساهم الدولة في السجون في حال تأزمت الأوضاع الأمنية”.
أيا تكن الظروف لا شيء يبرر عملية فرار السجناء وإن كانت فكرة الهرب هي الأولى التي تطرأ على رأس السجين عند سماع أصوات القذائف والصواريخ. اما الخطة التالية التي يلجأون إليها فهي الإضراب عن الطعام وقد شهدت نظارة المحكمة العسكرية حالة مماثلة قبل أن يُجبر السجين على فك إضرابه حرصا على صحته وتفادي نقل العدوى إلى السجناء الآخرين.

تبقى خطة إجلاء السجناء من السجون الموجودة في مناطق تقع ضمن دائرة الخطر وأخرى مهددة بعد نزوح أهلها. لكن “حتى اللحظة لا كلام عن خطة لإجلاء السجناء إلى السجون الأكثر أمانا وهما سجنا رومية والقبة بسبب الإكتظاظ فيهما .أما النظارات فحدث ومن دون حرج، وعليه يبقى اتكال السجين على قدرته في الحفاظ على الإستقرار النفسي والإنضباط لأن القرار بقمع أي محاولة فرار من السجون اتخذ من دون استثناءات ظرفية”.

فجر يوم 21 تشرين الثاني من العام 2020 شهد لبنان عملية هروب جماعي، نفذتها مجموعة من المساجين والموقوفين في سجن بعبدا في قصر العدل . يومها قامت الدنيا ولم تقعد واستمر الكلام في تفاصيل الحادث أياما وأشهر وحظي باهتمام واسع من قبل الجهات الأمنية كونها أكبر عملية هروب جماعي لمساجين تشهدها السجون في لبنان. ومن حينه لا تزال التحقيقات جارية ولم يصدر أي تقرير في نتائجها.