كتبت يولا هاشم في وكالة “المركزية”:
فوضى وضياع. بهذه الكلمات يمكن اختصار الوضع التربوي في لبنان. ففي آخر قرار أصدره وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، طلب من المدارس عدم فتح أبوابها قبل 6 تشرين الاول، حتى جلاء صورة الأوضاع الأمنية، وفي ظل إشغال العديد من المدارس الرسمية من قبل النازحين ونزوح عدد هائل من التلامذة من بيروت والجنوب والبقاع إلى مناطق أخرى آمنة.
تشير بعض الإحصاءات حول النزوح الى ان نحو ٦٢٠ مكانا للإيواء تم اعتمادها من بينها ٥٠٥ مدارس رسمية و٥٤ مدرسة مهنية رسمية، يضاف اليها عدد من مباني الجامعة اللبنانية وخمسون مدرسة خاصة.
وبلغ عدد التلاميذ النازحين من أبناء المدارس الرسمية ١١٥٥٥٦ تلميذا ، و ٣٤٧٢٧ من طلاب التعليم المهني والتقني، و٢٧٧٦٦٢ من تلامذة المدارس الخاصة و 37000 من الجامعة اللبنانية.
كذلك فقد نزح نحو ١٨٧٩٢ معلما من أساتذة المدارس الرسمية، و ١٦٧٩٨ معلما من أساتذة المدارس الخاصة بالإضافة الى عدد من أساتذة التعليم العالي والجامعة اللبنانية.
وبعد عقد اجتماعات عدة بين وزير التربية والمؤسسات التربوية الخاصة للتباحث في الموضوع، لم يُتخذ القرار بعد بفتح المدارس من عدمه. رغم ذلك، بدأت بعض المؤسسات التربوية الخاصة في المناطق البعيدة عن الاستهدافات الاسرائيلية، تتخذ اجراءات خاصة، فمنها من شرع في التعليم عن بعد والبعض الآخر قرر استئناف الدروس حضورياً او بطريقة مدمجة.
يكشف مصدر تربوي لـ”المركزية” عن اجتماعات ستُعقد في وزارة التربية مع القطاع التربوي الخاص اليوم ومع الجامعات الخاصة قبل نهاية الأسبوع الحالي لتحديد مصير العام الدراسي واتخاذ الخطوات اللازمة لاستئناف التعليم.
ويؤكد المصدر ان الجو غير واضح ومرتبط بالاستقرار او بمعرفة اتجاه الاوضاع الأمنية، وهذا الامر لم يتضح حتى الساعة بانتظار الاجتماعات وجلاء الصورة على الأرض واتخاذ القرار. ويشدد المصدر على ان لا يمكن فتح بعض المدارس في حين ان أخرى مقفلة، يجب اتخاذ قرار يطرح الحلول للجميع دون تفرقة. والأمر يحتاج الى جمع معطيات حول أماكن تواجد التلامذة وإحصائهم لوضع خطة بناء عليها، وهذا أمر ليس بالسهل. كما ان دائرة القصف تتوسع وتتبدّل يوماً بعد يوم، فمن سيتحمل مسؤولية تنقل التلامذة على الطرقات؟ لا مناطق هادئة نهائيا كما لا مناطق معرضة للقصف نهائيا، فكيف سنقرر؟ خاصة وان ارواح الناس على المحك. لذلك فإن وزارة التربية تراقب والأمر مرهون بتطور الأوضاع. وقبل ان تتضح الصورة والى أين تتجه الأمور من الصعب تحديد موقف من العام الدراسي.
من جهتها، تقول رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة لمى الطويل لـ”المركزية: “عندما لا يكون هناك قرار ثابت، بالطبع ستعمّ الفوضى وسيتصرف كل على هواه. نريد كأهالي أن يكمل أولادنا العام الدراسي، لذلك نطالب الوزارة بوضع خطة واضحة وتفصيلية تؤمن الأمان لأولادنا وتشمل كل التلامذة في لبنان”.وتشير إلى ان “الوزير أعلن بأنه جهز خطة بعد اجتماعه مع المدارس، وننتظر تزويدنا بها، وضعها الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر ونقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض والوزارة خلال الاجتماعات وحصلت بغياب الاهل، نطالب بنشرها عبر الاعلام ليتم التوافق عليها، ولنعرف ما اذا كانت تضمن التعليم للجميع؟ هل سيكون التعليم في المناطق الآمنة حضوريا ام مدمجا؟ وهل سيؤمنون في المناطق غير الآمنة تكاليف الاونلاين؟ المطلوب من وزارة التربية العمل على وضع خطة وتأمين مراكز للنازحين غير المدارس، هناك مبانٍ تدفع ايجاراتها الدولة بالمليارات، يمكن نقل النازحين إليها”.
وتضيف: “بما ان النازحين انتقلوا الى مناطق آمنة، يمكن وضع خطة ومتابعة التعليم فيها. لكن بما ان لا أحد يعلم إلى أين تتجه الأوضاع قدمنا اقتراحاً آخر، وهو ان السنة الدراسية قوامها 150 يوماً أي ما يعادل الخمسة أشهر، وبالتالي يمكن لرئيس الحكومة تعليق العام الدراسي مدة 15 يوماً أو شهرا فقط حتى تتوضح الصورة. لدينا وقت لإتمام العام الدراسي، في حال لم نتجه إلى حلول”.
وتؤكد الطويل ان “هذا عمل الوزارة ولا يمكن للأهل أو المعلمين القيام به. على الوزارة ان ترى هل باستطاعة المدارس الخاصة في المناطق الآمنة استيعاب كل أعداد التلامذة، لأن الحديث يجري حول فتح المدارس بدوامين، قبل وبعد الظهر. فتفتح المدارس أبوابها لتلامذتها قبل الظهر، وللنازحين بعد الظهر. هل يمكن للوزارة إنجاز هذه الخطة؟ هل اجرت الاحصاءات اللازمة؟ يجب وضع خطة وتزويد الأهل بها، فربما تمكنا من استكمال العام الدراسي. اذ لا يمكن تعليم تلامذة في حين لا يتعلم أخرون ، وفي حال شعرت الدولة بأن لا أمان وبأنها عاجزة عن تأمين الإمكانيات اللوجيستية، من انترنت وغيره، عليها ان تطلع الشعب على هذه الحقيقة وتعلن تأجيل العام الدراسي او تعليقه لفترة معينة. يجب ان تكون واضحة، والا تسمح بالفوضى أو أن تتخذ كل مدرسة قرارات خاصة بها، ووضع الأهل في مواقف لا يحسدون عليها، كأن تفتح المدارس أبوابها ويضطرون لإرسالهم أبنائهم في حين أنهم لا يريدون ذلك بسبب الخوف من الخطر خلال التنقل على الطرقات أو تطلب المدرسة منهم تأمين كمبيوترات للدراسة عن بعد وإمكانياتهم المادية لا تسمح بذلك. نتمنى عليهم ألا يضعوا الأهل في هذه الدائرة.
وتختم: “على الحكومة والوزارة وضع خطة تعطي الطمأنينة والسلام للأهل، لا أن يتركوهم تحت رحمة بعض إدارات المدارس التي تتذرع بإكمال العام الدراسي فقط لاستيفاء الأقساط”.