كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
بذهول تلقى أهالي عين ابل الثلاثاء الماضي رسائل صوتية على هواتفهم تطلب منهم إخلاء بيوتهم علما أن البلدة آمنة ولا يوجد فيها مقار أو منصات أو عناصر تابعة لحزب الله.
التهديدات كانت جدية “إخلوا بيوتكم فورا” علما أن حتى تاريخ اغتيال الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في غارة على الضاحية الجنوبية استمر اهالي عين ابل كما دبل ورميش والقوزح في تسيير أمورهم الحياتية في ظل إصرار على عدم مغادرة بيوتهم والصمود في أرضهم.
“مشهد يحاكي الصدمة”. هكذا يصف أحد أبناء بلدة رميش التي وصل إليها أهالي عين ابل المناهضة لحزب الله فجر الأربعاء وكانوا يحملون ما تيسر من ملابس وأمتعة وحقائب تحتوي على اوراقهم الثبوتية إضافة إلى اكياس الأدوية. بعض العائلات التي نزحت قررت البقاء في رميش، والبعض الآخر فُتحت لهم البيوت للبقاء فيها إلى حين تأتي ساعة الفرج “في النهاية نحنا لبعض ولن نسمح بأن يتهجر أهلنا من أية بلدة على الشريط الحدودي” يقول أحد أبناء رميش.
من قرر النزوح نحو بيروت انضم إلى المواكب التي انطلقت مع ساعات الصباح الأولى بمؤازرة الجيش اللبناني والصليب الأحمر اللبناني حيث تولت خلية الأزمة التي تشكلت من قبل أبناء البلدة واستحدثت مقرا لها في الكرنتينا تأمين مراكز إيواء ومنازل للنازحين في مناطق كسروان وجبل لبنان للتنسيق مع الجهات المعنية لاستقبال النازحين.
وعلى رغم التحذيرات ورسائل التهديد بإخلاء البيوت أصرّ عدد من الشباب على البقاء في البلدة للحؤول دون تسلل أي عناصر تابعة لحزب الله أو المقاومة الإسلامية وتثبيت منصات فيها أو مصادرة بيوتها وأرضها.
صباح الأربعاء كانت الرسالة الأمنية الأولى التي شكلت صدمة لدى أهالي عين ابل. غارة على منزل لمواطن من البلدة من آل بركات أدت إلى تدميره. ماذا جرى يوم الأربعاء الماضي ولماذا تم استهداف المنزل علما أن البلدة معروفة بمناهضتها لحزب الله.
حتى اللحظة لا معلومات مؤكدة عن سبب استهداف منزل بركات بحسب مصادر “المركزية” ولا معطيات خاصة باستثناء ما ورد في وسائل الإعلام. وتوضح المصادر أن المنزل المستهدف كان خاليا من أصحابه منذ مدة طويلة . أما لماذا تم استهدافه؟ السؤال مطروح لدى كل أهالي البلدة الذين فاجأهم الخبر وكذلك أصحاب المنزل وبدورهم يسألون”هل ثمة من دخل المنزل كونه بعيدا عن المباني السكنية وشبه معزول؟.
اسئلة لم تجد جوابا حتى اللحظة وقد تبقى طي الكتمان أو المجهول كما الحال بالنسبة إلى اللغز الذي ارتسم حول القصف الذي طال فجر يوم أمس أحد المنازل في بلدة دبل وأدى إلى استشهاد وسيم سعيد وزوجته هلا زكنون وابنه العنصر في قوى الأمن الداخلي فادي سعيد الذين كانوا متواجدين في داخله.وتشير المصادر إلى حال الذعر التي لفت أبناء البلدة الذين لم يغادروا بيوتهم ولم يتلقوا حتى إنذاراً بإخلائها على غرار بلدة عين ابل. فهل يكون الصاروخ على منزل آل سعيد سقط عن طريق الخطأ؟.
الغريب في الأمر بحسب مصادر “المركزية” أن لا الجيش الإسرائيلي أعلن عن قصف صاروخ على منزل في بلدة دبل، ولم يصدر أي بيان عن حزب الله في هذا الصدد. حتى عملية تشييع الشهداء الثلاثة حصلت من دون أي رد فعل شعبي ولم تتردد أخبار عن الحادث في الإعلام “وكأن المقصود أن يبقى الأمر سراً. وهنا يأتي دور الأجهزة الأمنية التي يفترض أن تعلن عن حقيقة ما حصل في منزل الشهيد سعيد وذلك بعد الدخول إليه والكشف على نوع الصاروخ الذي سقط على المنزل وأدى إلى استشهاد كل أفراد الأسرة إضافة إلى المصدر الذي أطلق منه.وهنا يكمن اللغز!.
حقيقة واحدة لا تقبل الشك هي أن الشهيد سعيد كان مسالما ولا ينتمي إلى أية جهة سياسية وحزبية. فهل يدفن السر مع الشهداء الثلاثة، أم يُدرج على لائحة ضحايا الحرب ويدفن بدوره في مثواه الأخير؟
الغارة على دبل أرخت ظلالها على أهالي البلدة الذين غادر بعضهم بيوتهم ونزحوا إلى رميش ومنهم من فضل التوجه إلى بيروت وتحديدا إلى بكفيا، التي فتحت بلديتها عددا من المؤسسات الرسمية والخاصة لاستقبالهم، وهم بالمئات، ويجري التنسيق مع بلدية بكفيا وجمعية “كلنا عيلة” للاهتمام بأمورهم بحسب معلومات “المركزية”.
في رميش الوضع شبه مختلف على رغم المستجدات التي بدأت تتظهر منذ تاريخ 28 أيلول بسبب اشتداد القصف وانقطاع بعض الطرق التي كان يسلكها الأهالي للنزول إلى بيروت وشراء المستلزمات من أغذية ومحروقات وأدوية. فبعد أقل من 24 ساعة على النداء الذي وجهه كاهن رعية رميش الأب نجيب العميل ودعا فيه إلى صمود أهالي البلدة كونها مسالمة وطالب برفع الرايات البيضاء على سطوح المنازل جاءت الرسالة الأمنية من قلب رميش. ماذا جرى صباح اليوم ؟
توضح مصادر خاصة ب”المركزية” أن أبناء البلدة رصدوا تحركات مشبوهة وتبين أن مجموعة مسلحة تسللت ليلا إلى منطقة تعرف بإسم “التين الغربي” في بلدة رميش وأطلقت منها صواريخ. على الفور جاء الرد الإسرائيلي واقتصرت الأضرار على تحطيم سيارات وبعض المباني. وتلفت المصادر إلى أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها هذه المنطقة لإطلاق نار من الجانب الإسرائيلي نتيجة رصد تحركات مشبوهة.
حتى الآن لم يتلق أهالي رميش أي تهديدات بإخلاء بيوتهم وهم يصرون على البقاء فيها، ومن تركها في بداية الحرب عاد إليها يقول أحد أبناء البلدة لـ”المركزية”. ويلفت إلى أن الصرخة التي أطلقها أمس كاهن رعية رميش الأب نجيب العميل بضرورة التمسك بالبقاء وعدم مغادرة البلدة طمأنت الأهالي خصوصا أن مصدرها السفارة البابوية في لبنان ولا عمليات عسكرية من البلدة، ولا عناصر عسكرية أو مسلحة، وبالتالي حتى الساعة لا داعي للإخلاء حتى الساعة” آملاً أن يبقى الوضع على حاله “رحمة بالناس وتجنباً للمهانة”.