IMLebanon

لسنا هواة صور أو توافقات مدمرة!

كتب ميشال طوق:

قامت الدنيا ولم تقعد بسبب الصورة الثلاثية الشهيرة التي استُثني منها المكون المسيحي في البلد، وكأن هذه الصورة ومن فيها هم الذين بأيديهم الحل والربط.

منذ سنة 1990 بالتحديد، أصبح المسيحيون خارج السلطة في لبنان كلياً، بفضل الحروب التي شنها المتعطش للسلطة آنذاك، والمدمر لكل ما تقع يداه عليه، ونتج عنها إنقضاض المحتل السوري على المنطقة الحرة التي كانت عصية عليه على مدى 15 عاماً، رغم كل محاولاته التي باءت بالفشل.

سيطر السوري على كامل الدولة اللبنانية بالتكافل والتضامن مع كل الذين يتباكون اليوم على الوجود المسيحي الفاعل في الدولة، والمتباكين على ما وصلنا إليه من هذه الحالة المذرية التعيسة المدمرة، وحاول أن يصور بأن المسيحيين هم في صلب الدولة بواسطة أتباعه المسيحيين الصغار، فكان يأتي بهم الى رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب… بإبتسامات عريضة من جميع المكونات الأخرى، تقريباً، لأنهم بذلك أستطاعوا مع أولئك اكلة الجبنة، أن يتقاسموا الحصة المسيحية بينهم ويتحكموا بكل مفاصل الدولة اللبنانية.

خرج المحتل السوري وسلم قيادة المحور الى حزب الله، الذي أكمل هو ومن معه بنفس النهج السوري المدمر، مع فارق أنه خسر قسماً كبيراً من السنة ومن الدروز وإسترجع المسيحيون البعض من حضورهم في مجلس النواب. وكان هذا المحور المدمر يصر دائماً على أن يأتي برئيس الجمهورية الذي يرتاح إليه ويسيره بحسب مصالحه الإستراتيجية الأممية الكونية، حتى وصلنا الى هذه الحال الكارثية، ورغم كل الويلات، لا يزال حتى اليوم يمنع إنتخاب رئيس للجمهورية غير المرشح الذي يؤمن مصالحه.

إن كان ما زال هؤلاء يظنون أنهم بصورة من هنا وبتضليل من هناك يمكنهم أن يعودوا الى ما قبل 8 تشرين 2023، فهذا أصبح من سابع المستحيلات، لأن أكثرية الشعب اللبناني أصبحت تعرف جيداً مدى الضرر الذي سببته لهم هذه المنظومة الفاسدة الفاشلة، ناهيك عن أن العالم أجمع لم تعد تمر عليه ألاعيبهم الشيطانية.

أما بالنسبة لنا نحن المسيحيون الوطنيون الدستوريون المتمسكون بالدولة ومؤسساتها وقوانينها، لا تهمنا لا صور ولا مواقع ولا إغراءات ولا أي شيء آخر خارج المسار السليم لمؤسسات الدولة الشرعية، وجميعكم جربتم على مدى 34 سنة التفرد الكامل بالحكم ومقدرات الدولة التي لم يبقَ منها شيئاً، وبعتم أنفسكم للمحتل المجرم الذي نكل بشركائكم، وأنتم تضحكون في سركم، وكل العالم رأى مدى الفشل الذريع الذي نتج عن سلوكم وتصرفاتكم وطريقة إدارتكم لهذه الدولة التي أصبحت بفضلكم في أسفل درك، ولولا اللبنانيين المتمسكبن بوطنهم أينما كانوا، لكان لبنان على طريق الزوال كدولة وكيان، بعدما نهبتم ليس فقط الدولة، وإنما أموال اللبنانيين جميعاً، في أكبر سرقة عرفها التاريخ.

اليوم، وبدل الإستماتة في البحث عن الحل الذي يوقف الحرب فوراً ويبدأ ببناء ما هدمتم ودمرتم على مدى عشرات السنوات، لا زلتم تسعون عبر السعدنات والتورية، لتحافظوا على مكتسباتكم التي نهبتوها وتكملوا بالمسار المدمر ذاته.

هذا البلد بمؤسساته بناه المسيحيون بالدرجة الأولى، وبالشراكة مع بقية الأطياف اللبنانية، وجئتم أنتم وعوض أن تكملوا وتطوروا، دمرتم كل ما وصلت إليه أيديكم.

الحل الوحيد المتوفر أمامنا لتفادي أي نظام آخر للبنان سيكون بمثابة الكابوس لمعظمكم، أن تتنحوا جانباً ليأتي الوطنيون الشرفاء اصحاب الكفاءات الذين يبرعون في إدارة المؤسسات، ويبدأون بإعادة بناء مؤسسات الدولة لتعود الى ما كانت عليه قبل الفترة المشؤومة التي كنتم أنتم أبطالها بإمتياز…