كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
في ما يشبه الضوء الأخضر للعملية البرية الإسرائيلية في لبنان، أعلن مسؤولون أميركيون عن وقف واشنطن لمحاولات وقف التصعيد بين إسرائيل وحزب الله الذي يتوسع ويهدد أكثر بالتحوّل إلى حرب إقليمية شاملة.
الموقف الأميركي جاء بعد أسبوعين من تجاهل إسرائيل إقتراحا طرحته الولايات المتحدة وقوى غربية وعربية أخرى بوقف الهجمات بين إسرائيل وحزب الله لمدة 21 يوما. وما يؤشر الى مفاعيل التجاهل الأميركي استمرار التوغل الإسرائيلي برا بحسب ما تردد في عدد من قرى الشريط الحدودي .
وتقول مصادر معنية أن المواجهات على الأرض بين حزب الله وإسرائيل تدور في منطقة علما الشعب ويخشى أهالي قرى المربع المسيحي رميش ودبل وعين ابل والقوزح من وصول التوغل البري إلى حدود مناطقهم “لأن الثمن سيكون باهظا”.
يأتي ذلك على خلفية الموقف الأميركي وتجاهل نتنياهو لكل النداءات الدولية بوقف إطلاق النار في لبنان وغزة. لكن “كل هذه المواقف والسيناريوهات التي يتحدث عنها مراقبون ومحللون سياسيون وعسكريون لم تعد تجدي نفعا ويجب عدم التوقف عندها لأن السيناريو المعدّ للتنفيذ هو التالي: القضاء بشكل كلي على كل ما هو أذرع إيران والمرجح أن تمتد العملية لأسابيع وأشهر. وحاليا نحن في صلب الحرب”.
كلام مستشار الإتحاد الأوروبي في قطر لمنطقة الخليج جورج أبو صعب يرتكز على معطيات ومعلومات من مصادر دول القرار ويقول لـ”المركزية” هناك “بازل “جديد يتم تركيبه في المنطقة بتأييد من دول الناتو والولايات المتحدة الأميركية والخليج والأنظمة العربية لوضع حد للخلخلة الإقليمية لإيران وجماعاتها”. بالتوازي، يضيف أبو صعب” الأكيد أن إيران ومحور المقاومة لن يقفا متفرجين وإيران لن تستسلم بين ليلة وضحاها لذلك علينا أن نتوقع المزيد من الضربات والرد على الرد مما يعني سقوط عدد كبير من القتلى “.
أكثر ما تخشاه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن يتحول الصراع بين لبنان وإسرائيل إلى صراع إقليمي وأن يمتد لأشهر عديدة. فإسرائيل كانت تخطط في البداية لتوغل بري أكبر بكثير في لبنان، قبل أن تقنعها الولايات المتحدة بتقليص حجم عملياتها البرية. لكن الميدان أثبت أن نفوذ الولايات المتحدة محدود عندما يتعلق الأمر بالعمليات العسكرية الإسرائيلية، كما هو الحال في حرب غزة.
في السياق، يوضح أبو صعب” أن ما نعيشه اليوم هو جزء من استراتيجية القضاء على أذرع إيران في المنطقة بدءا من حماس في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي في العراق وأذرعها في سوريا. وهذا يؤكد أن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل وهي مستعدة للتورط إذا ما قررت إيران التمادي أكثر”لهون وصلت الأمور”.
وفي العودة إلى المفاوضات، يؤكد أبو صعب، أنها توقفت في سلطنة عمان بين الولايات المتحدة وإيران. وما الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان إلى قطر إلا للحصول على الـ6 مليار دولار التي أفرجت عنها في كوريا الجنوبية، لأن بازكشيان فهم أن قرار الحرب ليس في يده إنما في يد الحرس الثوري الإيراني وكل ما له علاقة بالسياسة الخارجية فهو في أمرة المرشد الإيراني خامنئي. وأقصى ما يحاول الرئيس الإيراني فعله هو تثبيت وجوده تجاه شعبه.
وعلى وقع التصعيد المتواصل تبدو المشهدية قاتمة جدا. “فالمواجهات ستستمر وبشكل تصاعدي وخطير جداً، وستشمل إلى لبنان سوريا واليمن ومحور وحدة الساحات وذلك بتفويض أميركي وأوروبي منح بموجبه نتنياهو القيام بما يريد ومن دون رادع أقله تحت الطاولة. اما فوقها فالكلام مستمر عن مفاوضات تهدئة ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان”. ويتابع ” نحن أمام مشهدية مفتوحة على كل الإحتمالات فالمفاوضات توقفت وتمّ الإتفاق على الخطوط العريضة ومن بينها تحييد مطار بيروت الدولي، يضاف إلى ذلك حال الإستنفار في كل ترسانة الأسلحة الجوية والبحرية والبرية مما يؤشر إلى أن الوضعية ذاهبة باتجاه الحسم العسكري ما لم تعلن إيران الإستسلام وتطلب المفاوضات. لكن المرجح، لا بل المؤكد ، أن إيران لن ترفع راية الإستسلام وهي تصر على خوض معركة “كسر عظم” ومواصلة الحرب بواسطة أذرعها في المنطقة”.
“إسرائيل تطبق في لبنان الدروس المستفادة من الحرب في غزة مع إدخال تعديلات تناسب الوضع الحالي” الكلام لمصدر عسكري إسرائيلي لإحدى المحطات الفضائية مضيفا أن “إسرائيل تُدخل قوات ضخمة في العمليات، بهدف تعزيز قدرتها على مواجهة حزب الله وتقليل فرص نجاحه في أي ردود فعل”. واللافت ما ورد في ختام تصريحه حيث قال: “لا يمكن الحديث عن حدود جغرافية محددة للعمليات في لبنان”.
إستنادا إلى هذا السيناريو العسكري التصاعدي والجهنّمي المرجّح يختم أبو صعب “نحن أمام أسابيع صعبة ومفتوحة على كل الإحتمالات وصولا إلى استعمال أسلحة غير تقليدية واغتيالات على مستوى القادة وزعماء دول في المنطقة. باختصار المشهدية من سيء إلى أسوأ، والتوازنات ستتغير بشكل جذري على أن نشهد ولادة الطفل الأعجوبة بعد مخاض عسير…إلى حينه أعان الله لبنان”.