IMLebanon

أي محاكم دولية يمكن أن يلجأ اليها لبنان لوضع حدّ لإسرائيل؟

جاء في “أخبار اليوم”:

مع ازدياد وتيرة الضربات الاسرائيلية على لبنان وما تخلف من قتل ودمار حيث هناك قرى او احياء قد اختفت كليا، تظهر الحاجة الى اهمية وضع حدّ لمثل ممارسات الابادة هذه، التي كانت قد بدأت في غزة ويبدو انها تنتقل شيئا فشيئا الى بعض المناطق في لبنان.

صحيح ان اسرائيل، اثبتت عبر التاريخ انها لا تلتزم بقانون او قرار دولي، ولا شيء يتقدم على آلة حربها، الا ان هناك محاكم يمكن ان تتحرك.

في هذا الاطار، شرح البروفسور في القانون نجيب الحاج شاهين، عبر وكالة “اخبار اليوم”، اربعة مسارات قانونية يمكن العمل عليها، ويمكن للبنان من خلالها ان يتخذ اجراءات ضد اسرائيل بسبب اعمالها الحربية.

وقال: المسار الاول يتمثل بـ “محكمة العدل الدولية” التي تركز على مسؤولية الدول وانتهاكات القانون الدولي بين الدول وليس على محاكمة الافراد وجرائم الحرب، كما هناك شروط لربط اختصاص محكمة العدل الدولية بجرائم الحرب التي ترتكبها اسرائيل ضد لبنان والتي يفترض النظر بها، منها الموافقة المتبادلة بين الدول المعنية – اي لبنان واسرائيل – على اختصاص هذه المحكمة وبالتالي من دون موافقة اسرائيل لن يستطيع لبنان من رفع قضية امامها.

واضاف الحاج شاهين: لكن في المقابل لمحكمة العدل الدولية دور استشاري، اذ يمكنها اصدار اراء استشارية حول اسئلة قانونية محالة اليها من الجمعية العامة للامم المتحدة او مجلس الامن، وهذا ما حصل في 16/7/2024 حين اصدرت هذه المحكمة رأيا استشاريا بشأن العواقب القانونية الناشئة عن السياسات الاسرائيلية وممارساتها في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وقد اعتبر هذا الرأي ان احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية غير قانوني كما ان سياستها التمييزية ضد الفلسطينيين كانت تنتهك الحظر المفروض على التمييز العنصري، لكن لا بدّ من الاشارة الى ان هذا الرأي الاستشاري يبقى غير ملزم كونه ليس قرارا.

اذ اعتبر ان هذا المسار صعب، انتقل الحاج شاهين الى الحديث عن المسار الثاني المتمثل بـ”المحكمة الجنائية الدولية” واختصاصها النظر في جرائم الحرب بموجب شروط محددة (وفق ما نصّ عليه نظام روما الاساسي) ولكن كي يكون لها اختصاص هناك شروط يجب توفرها، منها الاختصاص الاقليمي او الوطني الى جانب ان تكون الدولتان المعنيتان طرفين في نظام روما الاساسي الامر الذي لا ينطبق لا على لبنان ولا على اسرائيل، غير انه يمكن لمجلس الامن ان يحيل الملف الى هذه المحكمة حتى اذا لم تكن الدول المعنية اطرافا في نظام روما. وفي اجراء كهذا يمكن للبنان ان يستفيد لا سيما اذا قدم تصريحا يعلن بموجبه الخضوع لنظام روما، فيصبح بالتالي خاضعا لاختصاص المحكمة الدولية الجنائية، لا سيما فيما يتعلق بجرائم محددة ارتكبت على اراضيه، وذلك بالاستناد الى المادة 12 من الفقرة الثالثة من نظام روما.

واضاف الحاج شاهين: في هذه الحالة يمكن للبنان ان يقدم تصريحا للمحكمة الجنائية الدولية يقبل بموجبه ان تحقق في جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل على الاراضي اللبنانية وعندها يمكن لتلك المحكمة ان تتحرك، حتى لو ان اسرائيل لم تقبل باختصاصها.

وهنا اشار الى دعوى مماثلة تقدمت بها فلسطين لكنها واجهت اشكالية الاعتراف بها كدولة، اذ على الرغم من ان النائب العام للمحكمة الجنائية سمح بالتحرك وصدرت في العام 2021 مذكرات توقيف بحق عدة مسؤولين من اسرائيل لكن الاخيرة اعترضت على اختصاص هذه المحكمة متحججة بعدم الاعتراف بـ”دولة فلسطين”، وبالتالي لبنان لا يعاني من مثل هذه الاشكالية، ويمكنه الاتجاه الى هذه المحكمة.

هل يمكن لدولة اخرى ان تتحرك بدلا عن لبنان؟ اوضح الحاج شاهين ان لبنان ومجلس الامن الدولي وحدهما يمكنها القيام باي خطوة من هذا النوع، لكن يمكن لاي دولة ان تطلب من مجلس الامن التحرك.

وبالانتقال الى المسار الثالث الذي يمكن اللجوء اليه، اوضح الحاج شاهين انه يمكن الطلب من مجلس الامن اتخاذ تدابير بناء على الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، حيث يمكن للبنان ان يتقدم بشكوى امام مجلس الامن لاتخاذ هذه التدابير، او الطلب اليه تحويل الملف الى المحكمة الجنائية الدولية، لكن ايضا هذا الامر قد يصطدم باشكالية سياسية تتمثل بحق النقض في مجلس الامن او موافقة اكثرية اعضاء مجلس الامن (اي تسع دول) على هذا المسار.

وعن المسار الرابع، وهو الاكثر صعوبة، كونه، بحسب الحاج شاهين يحتاج الى التدقيق في قوانين بعض الدول التي تعطي اختصاصا عالميا لمحاكمها وما يسمح بالنظر في انتهاكات دولية للقانون الدولي او في جرائم ضد الانسانية، اشار الى ان بعض الدول الاوروبية تسمح بهذه القضايا، اي يمكن رفع دعاوى امام محاكمها ضد افراد او مسؤولين في دول معينة قامت بجرائم الحرب او جرائم ضد الانسانية على ارض دولة اخرى، لافتا الى ان هذه الدعاوى ضد اشخاص وليس ضد دول، قد تصدر عقوبات ومذكرات توقيف تنفذ اذا تواجد هؤلاء الاشخاص على ارض تلك الدولة.