جاء في “الانباء الالكترونية”:
الحالة اللبنانية السياسية والميدانية “خريفية” بإمتياز. العدو الإسرائيلي مستمر بمغامراته العسكرية، وعدوانه على لبنان يتوسّع يوماً بعد يوم. وحتى اللحظة، ما من شيء جدّي يمكن “الإسناد” إليه لوقف هذه الحرب الهمجية وإيجاد حل سياسي ينقذ لبنان وشعبه، علماً أن لبنان الرسمي يؤكد إلتزامه بتنفيذ القرار 1701 بكافة مندرجاته.
ميدانياً، يشتد قصف العدو الإسرائيلي المركّز ليلاً ونهاراً، كما نشهد محاولات متكررة للتوغل جنوباً، بالإضافة إلى التوسّع بحراً. وإلى أن تحسم أروقة السياسة الدولية مواقفها بما يقتضي لوقف الحرب في لبنان، وتكشف شكل رد العدو الإسرائيلي على إيران، ثمة محاذير كبرى من تمدد الصراع في المنطقة إلى ما لا تحمد عقباه!
وفي سياق المواقف، لفت البيت الأبيض إلى أنه “رغم القتال فإننا نعمل مع إسرائيل ولبنان لتحديد عملية تعيدنا إلى مفاوضات وقف إطلاق النار”. كما ذكرت الخارجية الأميركية أنها “تأمل رؤية حل دبلوماسي للنزاع في الجنوب”، مع تأكيدها على “حق إسرائيل في استهداف بنية حزب الله التحتية”. وفي بيان، أعلنت أنها “تجري نقاشات مع حلفائها في المنطقة لبحث سبل التطبيق الكامل للقرار 1701”.
أما فرنسا، فندّد وزير خارجيتها جان نويل بارو “بالاستفزاز” الصادر عن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الذي هدّد بتدمير لبنان مثلما حصل في غزة إذا لم يتخلّص من حزب الله. وفي مقابلة مع “قناة فرانس 2 العامة”، إعتبر أن “الوضع في لبنان كارثي”، مشيراً الى أنه “إذا تم المضي قدماً بهذا الاستفزاز، فإنه سيجرّ لبنان، البلد الصديق لفرنسا، إلى الفوضى فيما يعاني من حالة ضعف كبيرة، وهذا من شأنه أن يضع إسرائيل أمام مشكلات أمنية أكبر من تلك التي سادت قبل العمليات العسكرية في لبنان”.
من جهته، رفع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط الصوت، قائلاً: “كمواطن، أكتب لأقول حان وقت وقف إطلاق النار”، محذّراً من أن تبتلعنا دوامة العنف إذا لم يتم التحرّك.
وفي مقال لجنبلاط في صحيفة l’orient Today، حث جميع القوى السياسية في لبنان “على التوصّل إلى توافق فوري، والتوحّد، وإنتخاب رئيس وفاقي للجمهورية، وتشكيل حكومة، من أجل إنقاذ ما تبقى من هذا البلد الذي عانى الكثير من الحروب والإخفاقات والإنتهاكات”، مشيراً إلى أنه “لا بد من إعادة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بسرعة، وأن يتولى الجيش اللبناني دوره الشرعي”. ووّجه جنبلاط الدعوة إلى كل الجهات بالتوقف عن إقحام لبنان والدول المجاورة في حروب بالوكالة لا تجلب سوى المعاناة والموت والدمار.
يأتي كلام جنبلاط بالتوازي مع مساعي يبذلها “التقدمي” و”كتلة اللقاء الديمقراطي” بالتواصل مع المرجعيات ومختلف القوى السياسية لخلق إطار مشترك يخلص إلى إنتخاب رئيس توافقي للجمهورية ووقف الحرب وتطبيق القرار 1701.
وفي هذا الإطار، زار النائبان مروان حمادة وراجي السعد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، موفدين من قبل الرئيس وليد جنبلاط والنائب جنبلاط.
ولفتت مصادر مطلعة لـ”الأنباء” إلى أن كل النقاط التي تدور وتنطلق من بيان الإجتماع الثلاثي طُرحت خلال اللقاء، بالإضافة إلى الخلاصات المتعلقة بالإنتخابات الرئاسية والقرارات الدولية وضرورة وقف إطلاق النار كأولوية، لوقف معاناة اللبنانيين وتقهقر الدولة، بالإضافة إلى أهمية دور جميع الفرقاء كلٌّ إنطلاقاً من مهامه وصلاحياته”. وشددت المصادر على أن الأفضلية بالعودة إلى إتفاق الهدنة عام 1949 الذي يخلق توازناً بوجود منطقتين خاليتين من السلاح.
بالتوازي، الحدود الجنوبية مشتعلة، حيث يتصدّى الحزب لمحاولات التوغّل الإسرائيلية، وإطلاقه رشقات صاروخية على حيفا والمستوطنات الإسرائيلية ومناطق أخرى. كما ردّ نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على تصريحات العدو الإسرائيلي الأخيرة، معتبراً أن “طوفان الأقصى حدث استثنائي وبداية تغيير وجه الشرق الأوسط”.
كلام قاسم أتى في كلمة مسجلة لمناسبة ذكرى انطلاق جبهة الإسناد لقطاع غزة، إذ أعلن عن تأييد الحزب للحراك السياسي الذي يقوم به رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري بعنوانه الأساس وهو وقف إطلاق النار، معتبراً أن لا مكان لأي نقاش قبل وقفه، و”إن تابع العدو حربه فالميدان يحسم”، على حد تعبيره.
وفي سياق متصل، يجمع المراقبون على أن الرد الإسرائيلي على إيران قادم لا محال، بحيث نوعية وحجم الرد وتوقيته وتقييم تداعياته محور النقاش الحالي بين الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي. هذا وأجرى وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، اتصالاً هاتفياً بوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وتم بحث آخر التطورات الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة لخفض التصعيد بالمنطقة وتداعياته بما يضمن أمنها واستقرارها.
وفي هذا الإطار، أشار مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) ويليام بيرنز في مؤتمر للأمن القومي في ولاية جورجيا، إلى أن خطر التصعيد غير المقصود في الشرق الأوسط يلوح في الأفق باعتباره “خطراً حقيقياً للغاية”، على الرغم من أن الولايات المتحدة تحافظ على تقييمها بأن إيران وإسرائيل لا “تبحثان عن صراع شامل”، على حد تعبيره.
ولفت إلى أن “أعظم خطر للتصعيد يأتي من سوء التقدير”، مضيفاً: “أعتقد أننا جميعا ندرك تماماً عواقب أشكال مختلفة من الضربات والعواقب على سوق الطاقة والاقتصاد في العالم”.
في المحصلة، يمكن القول أننا الى حد ما في عزلة دولية بغياب أي خطوات تنفيذية تفضي إلى كبح جماح العدوان الإسرائيلي المستمر وإنقاذ لبنان، فلا مؤشرات واضحة لحراك دولي أو دبلوماسي خارج نطاق المصالح الإسرائيلية الكبرى، بما ينصف لبنان ويجنبه المزيد من الخسائر في الأرواح والدمار، على الرغم من مواقف مقابلة متضامنة وداعية إلى وقف الحرب وتطبيق القرار 1701 والوقوف إلى جانب لبنان وشعبه إنسانياً.