كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
عام كامل مر على لبنان منذ شنّ حزب لله، ما سماها حرب «المشاغلة» ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، دعماً لحركة حماس والشعب الفلسطيني في مواجهة الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزّة، ردا على عملية طوفان الاقصى التي شنتها الحركة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في غلاف القطاع واستطاعت قتل المئات من جنوده وأسر العشرات من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين والاجانب. ماذا حققت حرب المشاغلة هذه بعد عام من اشعالها؟
أمور كثيرة كشفتها هذه الحرب المستمرة بضراوة أكثر من السابق، اولها الزج بلبنان، بمعزل عن ارادة اكثرية اللبنانيين، والحكومة، في المواجهة العسكرية مع إسرائيل منفردا، تحت عنوان المشاغلة، وانكفاء سوريا وايران عن المشاركة، ما كشف اكذوبة وحدة المسارات التي لطالما استقوى بها قادة الحزب وحلفائهم، لتهديد إسرائيل، والخصوم بالداخل والدول المجاورة.
أولى نتائج هذه الحرب، استمرار الحزب وحلفائه بتعطيل المسار السياسي الداخلي، وربط الحلول السياسية وانتخاب رئيس للجمهورية، بانتهاء الحرب على غزّة، ما أبقى الانتخابات الرئاسية معلقة، ولبنان بلا رئيس للجمهورية، والحكومة مشلولة، واستنزاف الوضع الاقتصادي والمالي تدريجا.
لم تنفع كل النصائح والمحاولات السياسية والخارجية باقناع الحزب، بإجراء مراجعة واقعية، لوقف هذه المواجهة المحتدمة، التي بدات تتمدد إلى مناطق بعيدة عن خط المواجهة، وتستهدف مواقع ومراكز حزبية، وقيادات الحزب الميدانيين، بشكل مركز، وطالت المسؤول في حماس صالح العاروري ورفيقيه بالضاحية الجنوبية لبيروت .
اجهضت كل محاولات انهاء المواجهة العسكرية الدائرة بين حزب لله وقوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب، بمعزل وعن حرب غزّة، والتفاهم على وقف اطلاق النار، وانجاز اتفاق نهائي لتهدئة الاوضاع وارساء الأمن الاستقرار في المنطقة، وحل مشاكل الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، بالرغم من كل الوساطات التي بذلت في هذا الخصوص، ولاسيما من المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكستين.
تفاعلت تداعيات المواجهة العسكرية الدائرة بين الحزب وإسرائيل جنوبا، بعد تزايد التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة، بحجة اعادة المستوطنين الاسرائيليين الذين هجروا من المناطق الحدودية المحاذية للحدود اللبنانية، جراء المواجهة العسكرية، وتحولت أخيرا، إلى حرب اغتيالات لقادة ومسؤولي الحزب البارزين وبينهم الامين العام لحزب لله حسن نصرلله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقصف جوي متواصل لمراكز ومواقع الحزب في كل المناطق،وتدمير وحشي ممنهج لابنية الضاحية وتهجير سكانها، كما سكان القرى والبلدات الجنوبية ايضا.
بعد عام من حرب المشاغلة، اصبح لبنان في وضع خطير جدا، في غياب سلطة سياسية متكاملة، يتعرض يوميا لحرب إسرائيلية وعدوان على مدار الساعة، وقرى وبلدات جنوبية مدمرة بالكامل اوجزئيا، واكثر من مليون نازح إلى خارج اراضيهم ومنازلهم، والمواجهات محتدمة بين الحزب وقوت الاحتلال الإسرائيلي، في العديد من المناطق الحدودية، واطلاق الصواريخ مستمر على الداخل الاسرائيلي، بالرغم من الضربات القاتلة والموجعة التي تلقاها الحزب، بينما الحلول الديبلوماسية تكاد تكون مقفلة حتى الساعة، بفعل رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لكل المناشدات والنداءات الدولية لوقف اطلاق النار والتفاوض، في محاولة لفرض شروط ومطالب إسرائيلية جديدة على لبنان تتجاوز ماكان متفاهما عليه سابقا، مستفيدا من غياب الدور الاميركي الضاغط، لانشغال الاميركيين بالانتخابات الرئاسية.
اما بالنسبة لقطاع غزّة، لم تؤد حرب المشاغلة إلى التخفيف او منع قوات الاحتلال الإسرائيلي من اجتياح القطاع وتدميره وقتل وجرح عشرات الالاف من الفلسطينيين وتهجيرهم من منطقة إلى أخرى، في أكبر حرب إبادة تحصل في القرن الحالي وتحت اعين دول العالم المتحضر وبغطاء اميركي فاضح.