IMLebanon

لا تتسبّبوا بالنكبة ذاتها!

كتب ميشال طوق

يوم إتفاق مار مخايل المشؤوم الذي فتح الباب أمام سيطرة الدويلة على كامل الدولة، خصوصاً بعدما وضع ثنائي الإتفاق يده على رئاسة الجمهورية، راهنّا على أن الطرف الرزين العقلاني، أقله شكليا، في هذا الإتفاق، قد يفرض بعضاً من عقلانيته على سلوك الطرف الآخر، عل ذاك الطرف يتعقلن قليلاً وهذا الطرف يتلبنن كثيراً.

الطرف الأول الذي دمر القوى والمناطق المسيحية وأدخل لبنان في عصر الإنحطاط السياسي والإحتلال المحكم من العدو السوري، بعدما هرب في 13 تشرين الأول 1990 الى السفارة الفرنسية بعد لحظات قليلة من بدء الهجوم السوري على المناطق الحرة التي كانت عصية عليه على مدى 15 عاماً، تاركاً وراءه زوجته وبناته وكل الجنود على الجبهات، وهو وفي سابقة خبيثة لم يشهد العالم مثيلاً لها، أعطى أوامر الإستسلام عبر الراديو الذي لا يتواجد مع الجيوش أصلاً، بينما كان عليه أن يعطيهم الأوامر بالإستسلام من خلال أجهزة الإتصال العسكرية التي بحوزتهم، ما أدى وعن سابق تصور وتصميم، الى التنكيل بعسكره قتلاً وخطفاً وتعذيباً، في جريمة لن ينساها التاريخ ولن يغفر له هذا الجرم الموصوف أبداً، هذا الطرف الذي راهن الكثيرون على أنه إذا وصل الى رئاسة الجمهورية التي تحقق حلمه الطفولي الذي كان السبب في كل الويلات التي تسبب بها، ستكون فرصة ولو شكلية ليكفر عن ذنوبه المميتة الكثيرة الكبيرة السابقة ويعمل على تحقيق بعض شعاراته الزائفة، وإذ تبين أن هذا الرجل يتقن فقط التبعية للخارج منذ أن وصل الى قيادة الجيش بتوصية سورية، ولم يتخلّ عن هذه التبعية يوماً، ولو طرأ تغير بسيط على إسم وماهية وأهداف مشغله.

الطرف الثاني الذي سيطر على مفاصل الدولة بالترغيب والترهيب والتقية، تبين أنه كلما أخذ من الآخر، أراد أخذ المزيد، وإتبع مبدأ ما لي لي وما لكم لي ولكم، ولم يغير ولو قيد أنملة في تغليب إيرانيته على لبنانيته، وظلت تتحكم به الإيديولوجيا القاتلة التي أوصلت الجميع الى جهنم وما نحن عليه اليوم من كوارث مصيرية.

لن أغوص في دور هذا الفصيل في الدمار الذي وصلنا إليه على كافة الصعد، من خلال حمايته للمافيا التي عاثت فساداً ونكلت إقتصادياً ومالياً بالشعب اللبناني، ومساهمته في الإنكشاف الأمني الذي أباح كل أنواع الإختراقات، وضلوعه العضوي في الكثير من الجرائم التي حصلت، وأخيراً جرّ لبنان عن سابق تصور وتصميم الى حرب مدمرة لا يوجد فيها أي تكافؤ لا بالردع ولا بالقوى ولا بالمقدرة، ما أدّى الى وضع اللبنانيين جميعاً في آتون من الحديد والنار لا أفق لنهايته قريباً.

ما يهمنا اليوم ألا يكون هذا الفريق قد إلتقط عدوى النرجسية القاتلة المدمرة من شريكه وأن تصل به هذه النرجسية الى النتيجة نفسها، في تدمير مناطقه وإدخال شعبه في نكسة لن يخرج منها لعشرات السنين.

كما بات واضحاً، القرار متخذ على مستوى الدول الكبرى بإنهاء الحالات الميليشياوية والعسكرية الشاذة في كل المنطقة، وسير الأحداث والخسائر المهولة التي تكبدها هذا الفريق وبيئته وكل اللبنانيين الآخرين، تفرض على أصحاب القرأر أن يتنازلوا عن عنجهيتهم وتقديرهم السيء للأمور وقراءتهم السطحية للتطورات وإنبهارهم المزيف بقوتهم، لا أن يسيروا على خطى حليفهم التي أدت الى تدميره وأوصلته الى أبشع النهايات، وجرّت الويلات على بيئته.

قبل يومين، وفي 13 تشرين الأول ذكرى النكبة التي يحتفلون بها مبتسمين ضاحكين على أطلال النكبات التي تسببوا بها، بينما التاريخ صب جام غضبه ولعناته عليهم بأبشع النهايات، إجعلوا هذه الذكرى عبرة ودرساً لكم كي لا تصلوا الى نفس المصير المشؤوم والمحتم، وضعوا حداً لهذا المسلسل البغيض من المآسي، رحمة بشعبكم ووطنكم.