كتب داود رمال في “الأنباء الكويتية”:
تتواصل سياسة التدمير الإسرائيلية في لبنان، التي لم تقتصر على مناطق بعينها، بل امتدت من الجنوب إلى الضاحية الجنوبية، وصولا إلى كل البقاع وبعلبك الهرمل. هذه السياسة، التي تتبناها إسرائيل منذ عقود، ليست مجرد عمل عسكري عشوائي، بل تعكس استراتيجيات معقدة تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية محددة».
وأوضح مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ «الأنباء» أنه «منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان، استهدفت إسرائيل البنية التحتية اللبنانية، سواء كانت طرقا أو جسورا أو مرافق حيوية في الجنوب. وتتعرض القرى الحدودية للقصف المستمر، ما يؤدي إلى تدمير المنازل وإجبار السكان على النزوح. هذه العمليات العسكرية تستهدف تقويض قدرة المقاومة اللبنانية على التمركز وإعادة التنظيم».
وقال المصدر: «تعتبر العمليات العسكرية الإسرائيلية جزءا من استراتيجية أكبر تهدف إلى استنزاف القدرات العسكرية لحزب الله، وتحجيم دوره في الساحة اللبنانية والإقليمية. فالضغوط العسكرية ليست جديدة، ولكنها تتزايد في سياق الظروف الإقليمية والدولية المتغيرة».
وأضاف المصدر: «تستند السياسة الإسرائيلية إلى أبعاد سياسية واضحة. وتسعى إسرائيل من خلال تدمير المناطق الجنوبية والضاحية والبقاع، إلى زرع الفوضى والذعر في نفوس اللبنانيين، ما يؤدي إلى تآكل الثقة في الحكومة اللبنانية وقدرتها على حماية المواطنين. ومن خلال إظهار مدى الخسائر المترتبة على الصراع، تسعى إسرائيل إلى ترويج فكرة أن حزب الله هو السبب الرئيسي وراء المعاناة التي يعيشها اللبنانيون، ما يعزز من صورة الحزب كعائق أمام الاستقرار والتنمية».
ورأى المصدر «أن الأهداف الإسرائيلية من وراء سياسة التدمير في لبنان تزعم أنها تندرج في إطار تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي، من خلال تقويض قوة الجماعات المسلحة. وتأمل إسرائيل تحقيق مستوى أعلى من الأمن على حدودها الشمالية. كما تسعى إلى إظهار ضعف الحكومة اللبنانية، ما يؤثر على شرعيتها ويعزز من التدخلات الأجنبية. والتدمير يمكن أن يكون وسيلة لإعادة تشكيل التحالفات في المنطقة، ما يسهل على إسرائيل تحقيق مصالحها الجيوسياسية. وتعمل إسرائيل على تعزيز نفوذها في المنطقة، ما يسمح لها بالتأثير على سياسات الدول المجاورة».
وحذر المصدر من «أن سياسة التدمير الإسرائيلية في لبنان ليست مجرد حملة عسكرية، بل هي استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية وأمنية بعيدة المدى. وتستمر هذه السياسة في تأجيج الصراع وتأثيره على المجتمعات المحلية، ما يعكس تعقيدات الصراع اللبناني الإسرائيلي، ويعزز من حالة عدم الاستقرار في المنطقة. إن فهم هذه الأبعاد يمكن أن يساعد في تحديد سبل معالجة الصراع وتجنب تفاقم الأزمات الإنسانية، مع ضرورة العمل على تعزيز الحوار الداخلي وإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية، وتوحيد الجهود الوطنية لحماية لبنان من التهديدات الخارجية».