كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
على الرغم من كل الاتصالات الدبلوماسية والمواقف الدولية سعياً وراء وقف لإطلاق النار في لبنان، فإن المؤشرات كلها تفيد بصعوبة تحقيق اختراق دبلوماسي، وبأن الكلمة ستكون في المدى المنظور للميدان.
يعتمد حزب الله مبدأ التصعيد التدريجي في عملياته، وصولاً إلى إطلاق مسيّرات باتجاه منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيساريا، وهو تصعيد مشترك بين الحزب وإيران على مشارف الردّ الإسرائيلي على الضربة الإيرانية. أعلن نتنياهو سريعاً أن لا شيء سيوقفه، ما يعني أنه مصرّ على التصعيد، علماً أنه حمّل مسؤولية العملية لإيران، وهو بذلك يريد تجاوز كل الخطوط الحمر التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية أمام الضربة التي يريد تنفيذها.
يتوقع حزب الله حرباً طويلة الأفق، وقد تتوسع إلى ساحات مختلفة وخصوصاً باتجاه إيران، لذلك رهانه الوحيد على الميدان، وقد اتخذ قراراً بالتصعيد التدريجي في عملياته، وهو متأكد بأن كل المحاولات الدبلوماسية لن تؤدي إلى وقف إطلاق النار.
في المقابل، يحطّ المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة لإعادة البحث بتفعيل المسار السياسي والدبلوماسي ولتوضيح مقاصده حول إدخال تعديلات على القرار 1701، لا سيما بعد تأكيده بوجوب إدخال هذه التعديلات.
في السياق، تتواصل المداولات والأفكار لطرح الإضافات التي تريدها واشنطن على القرار 1701. ووفق المعلومات، فإن الإضافات ستتناول ضمن أمور أرخى، نقاطاً تفصيلية لتوضيح آلية تطبيق القرار بشكل كامل. وهناك احتمالات عديدة لشكل صدور هذه الإضافات، بينها أن تصدر بملحق أو بناء على اتفاق ثلاثي بين أميركا، إسرائيل ولبنان، أو إعادة إصدار القرار تحت بند الفصل السابع، لكن ذلك متعذّر جداً بسبب معارضة روسيا والصين. والاحتمال الثالث اعتماد مبدأ ROLLOVER، أي إعادة قرار قديم إلى الحياة من خلال إعادة إصداره ولكن بناء على مقدّمة شديدة له تحتوي على بعض التفاصيل الحادّة في الديباجة التي سيتم اعتمادها.
في المقابل، يتمسك الإسرائيليون بموقفهم بأن القرار 1701 لم يعد كافياً لإعادة الاستقرار إلى الحدود، وهم يطالبون بأن تكون لديهم حرية الحركة ضمن نطاق جغرافي معين في جنوب لبنان، وهو محاكاة لما اقترحه عليهم الأميركيون في محور صلاح الدين «فيلادلفيا» في قطاع غزة الفلسطيني، إذ طالب الأميركيون الإسرائيليين بالانسحاب من هناك على أن يتمكنوا من العودة عندما يريدون.
لا يمكن فصل كل هذه الضغوط السياسية عن الضغط العسكري بتكثيف الغارات أو استمرار العملية البرّية، التي يوجه فيها الجيش الإسرائيلي تحذيرات لسكان الجنوب بضرورة مغادرة منازلهم إلى شمال نهر الأولي.
وتشير هذه التحذيرات إلى أن تل أبيب تريد لنطاق عملها العسكري والأمني أن يبلغ حدود نهر الأوّلي، وربما هذا سيكون أحد الشروط التي سيفرضها الإسرائيليون لاحقاً حول إنشاء منطقة خالية من السلاح يشملها القرار 1701 المعدّل لتشمل الأولي بدلاً من الليطاني. هنا أيضاً لا بد من استذكار الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان في العام 1978 عندما كان هناك اتفاق بين إسرائيل وسوريا برعاية أميركية حول عدم تجاوز الجيش السوري لحدود نهر الأوّلي، الذي يعتبر منطقة عمليات أمنية لإسرائيل، وهو ما أعادت إسرائيل تكريسه عسكرياً في اجتياح العام 1982.