جاء في “اللواء”:
يُراكم الكيان الإسرائيلي في كل فترة ما يصفه «بالإنجازات» عبر تمكّنه من اغتيال قادة كبار في المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وآخرهم الشهيدين السيد حسن نصر لله في لبنان ويحيى السنوار في غزة، الى جانب مسؤولين آخرين حزبيين وعسكريين من الجانبين ومن إيران والمقاومة العراقية، لكن بدا من المشهد العام لوضع الجبهات ومن التفاصيل اليومية فيها، ان ما راكمه العدو هي «إنجازات» هي آنيّة موضعية لم تؤثر في فعالية المقاومة، بل أظهرت زيادة في وتيرة عملياتها النوعية وفي حجم الخسائر العسكرية لجيش العدو جنوداً وآليات، والخسائر المدنية والاقتصادية، ولو ان مقاومة غزة باتت أخف وتيرة عن ذي قبل لكن استمرارها يعني استمرار الاستنزاف لجيش الكيان.
هذه الخسائر في جانب محور المقاومة محسوبة ومقدّرة نتيجة الدعم العسكري والأمني والاستخباري الأميركي والغربي عموماً، ولولاه لما تحقق الكثير ممن يصفها كيان العدو بـ «الانجازات»، لا سيما لجهة مشاركة جيوش الغرب وحلفائه في المنطقة بتشغيل واستخدام الصواريخ الاعتراضية – ومنها مؤخراً صواريخ ألمانية من قوة اليونيفيل البحرية العاملة في سواحل لبنان – لإسقاط صواريخ المقاومة من لبنان والعراق واليمن.
أما الخسائر لدى الكيان فهي لم تكن محسوبة بأنها ستكون بهذا الحجم نتيجة زخم عمليات المقاومة كمّاً ونوعاً، ولم يكن محسوباً تأثيرها الكبير على ما يُسمّى «الجبهة الداخلية» في الكيان من تضعضع وارتباك و«توقف الحياة اليومية للإسرائيليين» كما قال الإعلام العبري أمس، بخاصة لجهة اضطرار ملايين الإسرائيليين يومياً الى ترك منازلهم وأعمالهم والاحتماء في الملاجيء المحصّنة، حتى ان المعلومات تفيد ان رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو إضطر مؤخراً مع أركان حربه الى قيادة الحرب من غرف محصّنة تحت الأرض، لا سيما بعد إصابة منزله مباشرة في «قيصرية» على ساحل تل أبيب.
على هذا لا يمكن احتساب خسائر المقاومة خسائر استراتيجية كبيرة، خلافاً لخسائر الكيان الاستراتيجية عسكريا وسياسياً على المدى البعيد. فكل يوم إضافي من الحرب يعني خسائر عسكرية واقتصادية ولاحقاً سياسية كبيرة، فلا يمكن لجيش الاحتلال أن يستمر في حرب الاستنزاف طويلاً على أكثر من جبهة، ولا يمكن لحلفائه مواصلة دعمه أكثر ومدة أطول في حرب المجازر والتدمير والتهجير، بينما الرأي العام العالمي أصبح يعي حقيقة ما يحصل برغم الدعاية والإعلام المسخّرين له. ولا بد من أن تلجأ الدول الحليفة والداعمة للكيان بعد فترة الى إعادة تقييم الوضع وتقرير خطوات حازمة وحاسمة لوقف الحرب لا سيما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وإذا لم يحصل ذلك فهو مؤشر على ان الغرب ما زال يعمل على مشروع «الشرق الأوسط الجديد» لقلب كل الموازين في المنطقة والسيطرة عليها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بشكل مطلق، ولكن ذلك يعني أيضاً ظهور محاور غربية واقليمية مناوئة لهذا المشروع، ومزيداً من التوتر في المنطقة وفرملة اندفاعة الغرب وإسرائيل تحقيق هذا المشروع، وهو أمر لا يُلائم المصالح الاستراتيجية الكبرى لدول الغرب إذا طالت مرحلة التوتر والحروب الساخنة والباردة أكثر.
على هذا بقي الحراك الدبلوماسي العربي والدولي قاصراً وحتى عاجزاً عن لجم قرار التصعيد الأميركي والإسرائيلي وعن وقف الحرب، لكن لا زال هناك رهان لدى مصادر رسمية على ما يحمله الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين في زيارته الى بيروت اليوم أو غداً على أبعد تقدير، وزيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي سيبدأ اليوم لقاءات رسمية مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي. مع فارق ان هوكشتاين قد يحمل حسبما تردد مقترحات جديدة تتعلق بآلية تنفيذ القرار 1701 ولا يدري أحد تفاصيلها برغم ما تسرّب عن طرح تعديلات على القرار 1701 جهة تفاصيل إضافية حول تنفيذه، بينما أبو الغيط يحمل «توجهات» عربية حول ضرورة وقف التصعيد من جانبي الحدود، ورسالة «دعم وتضامن مع لبنان» ولم يُعرف من المصادر ما إذا كانت لديه أفكار أو مقترحات جديدة للبحث.