كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
أسبوعان يفصلان عن الموعد المحدد لبدء العام الدراسي في التعليم الرسمي، وليس واضحاً حتى الآن، على الأقل بالنسبة إلى التلامذة والمعلمين النازحين، ما هي الآلية التطبيقية لقرارات وزير التربية عباس الحلبي، في ما يخص التسجيل والالتحاق بأقرب مدرسة من مركز الإيواء أو مكان النزوح. فالوزير يخرج في مقابلات تلفزيونية ليقول إن الاستعدادات على قدم وساق، وإن هناك إقبالاً جيداً على الرابط الإلكتروني الذي وضعته الوزارة وإن الانطلاقة ستكون في 4 تشرين الثاني المقبل، فيما يسود الإرباك أوساط المديرين، الذين لم يؤخذ رأيهم في المناسبة بـ»الخطة المزعومة للوزارة»، علماً أنهم معنيون مباشرة بالواقع على الأرض، ويعرفون التفاصيل.
وتقول مصادر المديرين المتواجدين في مراكز الإيواء إن ما يحصل حالياً ليس إقبالاً على التسجيل، إنما تصريح الإدارات عن أعداد تلامذتها ومعلميها، وتلقّي بعض المراجعات من الأهالي بشأن التسجيل لجهة: في أي مدرسة سيتسجّل التلميذ، وأين سيداوم، وما هو شكل التعليم الذي سيتلقاه ونوعيته، وإذا كانت الوزارة ستقدّم تخفيضات على خدمة الإنترنت في ما لو تقرّر التحول إلى التعليم «أونلاين». وتوضح المصادر أن التفاوت في التعاطي مع الملف واضح بين منطقة وأخرى ومدرسة وأخرى داخل المنطقة الواحدة. كما أن في حوزة هؤلاء المديرين أسئلة تفصيلية كثيرة لا أجوبة عليها حتى الساعة، خصوصاً أن تعاميم الوزير ضبابية لجهة التعليم “أونلاين”. ومن الأسئلة: هل يمكن وضع خطة لتوزيع الحاجات قبل معرفة خريطة توزيع المعلمين والتلامذة؟
ماذا لو التحق 5 معلمي لغة إنكليزية مثلاً بمدرسة واحدة كون المعيار هو الالتحاق بأقرب مدرسة من مكان النزوح؟ ماذا سيعلّم هؤلاء ومن سيعلّمون؟ ومن سيكون تلامذتهم؟ وكيف يتم التقييم والامتحانات؟ وهل تتوافر التجهيزات والأدوات في أيدي المتعلمين؟ ومن يتحمل تكاليف انتقال المعلمين والتلامذة إلى المدارس للتعليم الحضوري؟ وهل ستكون المدارس المحيطة بمراكز الإيواء قادرة على استيعاب جميع التلامذة الراغبين في التعليم؟ ثمة قناعة لدى بعض المديرين أن كل هذه «الهمروجة» لا تتجاوز جمع الداتا والقول للجهات المانحة إن هناك عاماً دراسياً سينطلق لاستدراج التمويل، خصوصاً أن الوزير قال في إحدى مقابلاته إن الألمان أبدوا استعدادهم لدفع 10 ملايين دولار لتمويل العام الدراسي الحالي.
حتى الآن، بعض المديرين لم يستخدموا الرابط الإلكتروني ولم يسجّلوا التلامذة عملياً. وهم يطالبون ببلورة خطة واضحة تتماشى مع الواقع الأمني وتراعي ظروف النازحين و»الآمنين» على حد سواء. أما روابط الأساتذة والمعلمين التي طالب بعض مكوّناتها، في وقت سابق، بتعليق أو تأجيل العام الدراسي ريثما تنجلي صورة الحرب، وتمسّك بعضها الآخر بقرار وزير التربية، فعادت وتوافقت في بينها على طلب موعد من الوزير لتقديم اقتراح يتمثّل بأن يتسجل التلامذة في مدارسهم الأصلية، بالتواصل مع إدارات هذه المدارس، على أن يتابع القادرون منهم التعليم «أونلاين» أو التعليم غير المتزامن «أوفلاين» عوضاً عن «البلبلة» التي سيحدثها انتقال التلامذة والمعلمين إلى مدارس قريبة منهم.
يجدر التذكير بأن الحرب هجّرت أكثر من 36 ألف معلم ونحو نصف مليون تلميذ، وجرى إشغال نحو 620 مدرسة بإيواء النازحين، وتعطّلت أكثر من 400 مدرسة في المناطق التي تتعرّض للقصف والاعتداءات.