كتبت بولين فاضل في “الأنباء” الكويتية:
كثيرة هي التسميات التي تصح على لبنان، من بلد الطوائف إلى بلد العجائب إلى بلد التعايش إلى… لكن الأمر الأكيد أنه بلد التناقضات، ويكفي أن الحرب فيه مستعرة، فيما المطاعم في المناطق الآمنة ولاسيما في المتن وكسروان وجبيل والبترون، مفولة وشغالة كما في عز الصيف، وروادها بعضهم من القاطنين الجدد أو النازحين.
غير أن هذا المشهد مغاير تماما في وسط بيروت وفي بقعة المطاعم في الجميزة ومار مخايل والأشرفية، حيث الحركة تبدو محصورة ضمن دوامات العمل الصباحية في المؤسسات والمصارف والجامعات والمدارس، فيما تتراجع كثيرا مع ساعات بعد الظهر لتصبح معدومة في المساء.
وإذا كانت الحركة ناشطة في مطاعم بعض المناطق، فلأن النازحين وعددهم نحو مليون شخص قد «تكتلوا» في مناطق معينة في الشقق والفنادق، وبديهي أن يترددوا على مقاهي هذه الأماكن ومطاعمها.
وقال نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والملاهي والباتيسري خالد نزهة لـ«الأنباء»: «حركة المطاعم في الجبال البعيدة أو في كسروان وجبيل والبترون، يمكن تفسيرها بكون بعض المناطق اللبنانية قد شهدت بعد 23 أيلول تاريخ بدء العدوان الإسرائيلي الواسع، زحفا بشريا بفعل النزوح إلى مناطق الأمان، وبالتالي قسم من لبنان نزح إلى بقع معينة، وكان من البديهي أن تشهد المطاعم فيها حركة لافتة».
ووفق نزهة، فإن مطاعم الحمرا والروشة والصيفي ووسط بيروت وستاركو «ما فيها حدا، لكنها مصرة حتى اليوم على عدم الإقفال على أمل وقف قريب للحرب»، مشيرا إلى أن «نسبة الحركة في المطاعم بفعل الحرب تراجعت بنسبة 90%، وأصحاب هذه المؤسسات يبذلون قصارى جهدهم لعدم التخلي عن موظفيهم، لكن قدرتهم على الصمود لها حدود في نهاية المطاف».
باختصار هكذا هو اللبناني، يقاوم الحرب واليأس، ينام على أصوات الغارات الإسرائيلية وأخبار العدوان المستمر ويستيقظ في بعض الأيام ولاسيما في عطلة نهاية الأسبوع وهو يفكر «وين السهرة» وأي مكان يقصد وأي مطعم أفضل.
واقع عله يجد تفسيره من قبل علماء النفس الذين ربما يتفقون على أن اللبناني يجيد التأقلم والتكيف مع مختلف الظروف حتى أحلكها، ومتنفسه قد يكون لقمة طيبة في مكان ما أو جمعة مع الأصحاب.