قصف الإسرائيليون مقر قناة الميادين المحسوبة على إيران، بالتزامن مع نشر إسرائيل قائمة بستة من مراسلي قناة الجزيرة تتهمهم بأنهم أعضاء في حماس أو في الجهاد الإسلامي، ما يشير إلى أن الإعلام بات جزءا من الحرب ليس فقط كطرف متضرر بشكل عرضي من القصف بل كجهة مستهدفة مثلها مثل بقية الأهداف العسكرية.
وتنشر قناة الميادين خطابا دعائيا لحزب الله، والأمر نفسه بالنسبة إلى مراسلي الجزيرة الذين ينقلون بيانات حماس والجهاد ويتبنون الخطاب الدعائي للحركتين مع تجاهل للغضب الشعبي من الدمار الحاصل في القطاع ومعاناة الغزيين، ما يجعلهما قناتين تعبويتين أكثر من كونهما إعلاميتين خلال هذه الحرب، وهو ما تستغله إسرائيل لترويج اتهامها الصحافيين بممارسة أنشطة سياسية وعسكرية، وهو الأمر الذي تواجهه على نحو معكوس بعض القنوات العربية التي أصبحت هدفا لانتقادات، بل وعمليات تخريب، كما حدث قبل أيام مع مكتب قناة العربية في بغداد الذي استهدف من قبَل ميليشيات موالية لإيران.
ونقلت وكالات الأنباء العالمية خبر استهداف الميادين بالقول إنها قناة موالية لإيران أو تابعة لها. كما أن موقف قناة الجزيرة يرتبط برواية حماس، وهي تستدعي من تصفهم بالمحللين والخبراء العسكريين الذين يشيدون بالحركة وعملياتها، ولا تسمح باستضافة من ينتقد حماس أو يشير إلى مسؤوليتها عن تحويل القطاع إلى ركام بالتوازي مع مسؤولية إسرائيل.
وبتصنيفها الصحافيين في قناة الجزيرة أعضاء في حركة حماس أو في الجهاد الإسلامي تمهد إسرائيل لاستهدافهم وتستبق أي إدانة يمكن أن تعقب الاستهداف.
ويزعج محتوى قناتيْ الميادين والجزيرة إسرائيل؛ حيث لا تعملان كمؤسستين إعلاميتين بل كقناتين تعبويتين بمفردات لا تحتمل أي تأويل، ولا تختلفان عن الإعلام الإسرائيلي الذي يتصرف وفق إملاءات القيادات السياسية والعسكرية.
في المقابل تعتبر الميليشيات الموالية لإيران أن من يوجه أي انتقاد لحماس أو حزب الله صهيوني، وقد بادرت ميليشيات عراقية بتخريب مكتب العربية في بغداد بعد برنامج يتحدث عن مقتل القيادي في حماس يحيى السنوار، لكن عداء الموالين لإيران حيال موقف القنوات العربية بدأ مبكرا.
ومعاداة القنوات العربية ليست مرتبطة بالشأن الإسرائيلي فحسب، وإنما تتعلق أيضا بانتقاد إيران أو أذرعها في المنطقة وخطر النزعة الطائفية التي تنشرها في المنطقة. وبدا العداء بشكل واسع خلال الحرب في اليمن ليتحول إلى عداء لكل ما هو عربي، وليس فقط خلافا مع السعودية.
وذكرت قناة الميادين الموالية لإيران أن ضربة دون إنذار مسبق أصابت مكتبها في بيروت، مضيفة أن المكتب فارغ منذ اندلاع الصراع.
وذكرت الوكالة الرسمية اللبنانية أن مقاتلات إسرائيلية دمرت مكتب قناة الميادين الموجود في شقة داخل مبنى سكني بمنطقة الجناح، القريبة من الضاحية الجنوبية.
وأوضحت أن المقاتلات “أطلقت صاروخين على المكتب، ما أدى إلى تدميره بالكامل، واندلاع النيران فيه”.
وتقدم الميادين نفسها كناطق باسم “محور المقاومة” في المنطقة بقيادة إيران، بدءا بحزب الله ووصولا إلى أذرع إيران في العراق واليمن.
ولا يجد المشاهد لبرامجها وتغطياتها الإخبارية أي هامش ولو ضئيل من نقد لحزب الله أو إيران أو الحوثيين أو حركة حماس عدا الفترة التي كانت فيها الحركة في عداء مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث تعرضت لحملة شرسة.
الميادين تقدم نفسها كناطق باسم “محور المقاومة” في المنطقة بقيادة إيران، بدءا بحزب الله ووصولا إلى أذرع إيران في العراق واليمن
وسبق للكثير من العاملين في القناة أن عبروا عن استيائهم من سياسة القناة وحجم التضليل والدعاية التي تروج لصالح إيران وحزب الله والحوثيين في اليمن.
وحدد الجيش الإسرائيلي الأربعاء ستة فلسطينيين من مراسلي شبكة الجزيرة في قطاع غزة وقال إنهم أعضاء أيضا في حماس أو الجهاد الإسلامي، وهو ما نفته القناة القطرية ووصفته بأنه محاولة لإسكات الصحافيين.
ونشر الجيش وثائق قال إنه عثر عليها في غزة تثبت أن الرجال لهم انتماء عسكري إلى الجماعتين، وإن الوثائق تضمنت قوائم بتفاصيل عن أفراد حركتي حماس والجهاد الإسلامي ورواتبهم ودورات التدريب للمقاتلين ودليل هواتف وتقارير الإصابات. وأضاف “هذه الوثائق تشكل دليلا على اندماج إرهابيي حماس في شبكة الجزيرة الإعلامية القطرية”.
ولطالما اتهمت إسرائيل قناة الجزيرة بأنها بوق لحركة حماس، وفي العام الماضي أمرت السلطات الإسرائيلية بإغلاق عمليات الشبكة لأسباب أمنية، وداهمت مكاتبها وصادرت معداتها.
وآنذاك قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القرار جاء بإجماع أعضاء الحكومة الإسرائيلية، واصفا الشبكة الإخبارية بأنها قناة “التحريض”.
وتضمن القرار وقف جميع أعمال وأنشطة شبكة الجزيرة داخل إسرائيل، بما في ذلك النقل التلفزيوني وجميع الوسائط التابعة للشبكة من إسرائيل.
وكثيرا ما اتهمت الحكومة الإسرائيلية شبكة الجزيرة، التي تتلقى من الحكومة القطرية جزءا من تمويلها، بأنها منحازة ضد إسرائيل، وقد زادت حدة الانتقادات منذ هجوم حماس على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023، عندما وصفها نتنياهو بأنها “قناة إرهابية” أيضا.