كتبت بولين فاضل في “الأنباء”:
ثمة ما طرأ على مشهد الحرب الإسرائيلية على لبنان منذ الإثنين الماضي واستوجب القراءة والتحليل.
ففي ذلك اليوم، أتى المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت، وكان الأبرز في زيارته بطبيعة الحال لقاؤه في عين التينة المفاوض السياسي بإسم «حزب الله» في هذه المرحلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كرر أمامه التمسك بوقف لإطلاق النار أو بهدنة لثلاثة أسابيع ينطلق خلالها المسار التفاوضي.
هذا الموقف لم يرق للإسرائيلي الطامع بسقف لبناني تفاوضي منخفض جدا إلى حد الانكسار والاستسلام، فشرع منذ مساء الإثنين بغارات نارية بمغزى سياسي، حيث كان استهداف جوي لمنطقة الجناح في بيروت التي تعتبر منطقة نفوذ واسعة لحركة «أمل» التي يرأسها بري، إلى تهديد مستشفى الساحل، وصولا إلى اتصال تهديدي لأحد العاملين في تلفزيون NBN التابع لرئيس المجلس النيابي والكائن مقره في الجناح – بئر حسن، خلف ذعرا بين موظفي المحطة وأدى إلى قرار بإخلائها.
وفي معلومات خاصة بـ«الأنباء»، إن اتصالا ورد يوم الثلاثاء إلى مدير الإرسال في NBN علي زغيب بضرورة إخلاء المبنى حيث هو. لكنه لم يعلم ما إذا كان الإنذار بالإخلاء يتعلق بالمبنى الذي يقطن فيه في الضاحية الجنوبية أم بمركز عمله، باعتباره كان موجودا في ذلك الحين في الـNBN.
وعندما أبلغ مدير الأخبار والبرامج السياسية علي نور الدين بمضمون الاتصال، ارتأى نور الدين الطلب من الموظفين إخلاء المبنى على الفور. وكذلك فعل القاطنون في الأبنية المجاورة، قبل أن يتبين بعد تدقيق من الأجهزة الأمنية المختصة أن الاتصال كان من خارج لبنان وكان إنذارا وهميا.
وعلمت «الأنباء» أن أي تدابير احترازية لم تتخذها بعد NBN لناحية الانتقال إلى مراكز أخرى في مناطق آمنة كما فعلت قناتا «المنار» و«الميادين». إلا أن بعض الموظفين في NBN والذين يعملون بدوامات مكثفة، استقروا فيها لتجنب خطر التنقل اليومي على الطرقات.
كما علمنا بأن همسا بدأ يدور بين العاملين في المحطة حول الخطر المحدق بهم إذا وسعت إسرائيل أكثر فأكثر عدوانها على المناطق والمؤسسات المحسوبة على الرئيس نبيه بري أو التابعة له، لاسيما في ظل ما حدث من استهدافات وتهديدات منذ الإثنين. حتى إن هناك من بدأ يفكر جديا بالتوقف عن المداومة في مبنى المحطة، لأن الخطر بدأ يتسع وثمة عدو لا يؤتمن له ولا يتوانى عن رسائله النارية العشوائية.
في الخلاصة، لا يحسد العاملون في NBN على واقعهم الحالي، فبين حسهم بالمسؤولية في هذا الظرف المصيري الذي يمر به لبنان، وحسهم بالخطر أمام عدو لا سقف لعدوانه، ثمة نزاع نفسي يعيشونه، وحسمه ليس أبدا بالأمر السهل.