كتب عامر زين الدين في “الأنباء”:
فاق موضوع النازحين من أبناء الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت حجم التوقعات التي شهدتها عمليات التهجير السكاني في بداية العدوان، مع بلوغها ارتفاعات كبيرة في الأعداد فاقمت من حدتها تدفق موجات النزوح الجماعي، نتيجة التطورات الميدانية المتسارعة والدعوات إلى إخلاء الأحياء السكنية كما حصل في مدينة صور ويحصل في الضاحية.
ومع اشتداد الحرب القائمة بدأت الجهات المعنية في موضوع النازحين البحث عن حلول عاجلة، لمعالجة قدرة المناطق على الاستيعاب، بالتوازي مع الكلام عن إيجاد مراكز إيواء غير المدارس، وعدم حصول فوضى تخرج عن الخطط الموضوعة في اطار الجهود المبذولة، لتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار الاجتماعي والأمن الإنساني، كما يشير أحد المسؤولين في الخلايا لـ«الأنباء» في هذا المجال.
وتشكل منطقة الجبل الجنوبي بأقضيته الثلاث الشوف وعاليه والمتن إحدى مناطق الاستيعاب الأساسية. ففي الشوف بلغ العدد للمسجلين نحو 80 الفا. وفي مراكز الإيواء من دون المنازل في عاليه بلغ العدد نحو 68 ألفا. وفي المتن الأعلى من دون الساحل والبيوت في مراكز الإيواء بلغ العدد نحو 17 الفا، بحسب احصاءات الجهات المعنية.
وكان يمكن للأعداد ان ترتفع أكثر بكثير، فيما لو توافرت مراكز أخرى قياسا بحجم التدفق السكاني. وفي هذا السياق تواجه خلايا الأزمة في المناطق حرجا كبيرا، كما أشارت لـ «الأنباء».
وتناولت عدم قدرتها على استيعاب تلك الاعداد، بعدما كان الجزء الأكبر من أبناء الجنوب والضاحية يتمسكون بالبقاء في منازلهم، على رغم قساوة الحرب والقصف والاستهدافات اليومية، التي باتت فيما بعد لا توفر مكانا آمنا، أو في اعتبار مناطق معينة بمنأى ان يطالها القصف.
تطورات الحرب وظروف التهجير القسري وموجات النزوح الحاصلة وأهمية احتضان هؤلاء وتوفير مقومات صمودهم الاجتماعي والإنساني، استدعت لقاء في شانيه (قضاء عاليه) في دارة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز د. سامي أبي المنى والزعيم وليد جنبلاط ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط ونائب المتن هادي ابو الحسن، للتشاور في المآل التي بلغتها الامور.
وفي هذا الصدد أعطيت التوجيهات اللازمة، كما يقول بيان مشيخة العقل، من أجل «تعزيز أطر التعاون والتنسيق بين خلايا الازمة في المناطق والجهات المعنية، لاسيما في الدولة، للتخفيف من الصعوبات التي تواجه متطلبات النازحين في المرحلة الراهنة».
وكان جنبلاط ورئيس «التقدمي» اجتمعا في المختارة إلى وفدين من المشايخ ومن خلية الأزمة في بلدة عرمون (إحدى بلدات عاليه الكبيرة وبلديتها منحلة الآن) وهي المحاذية لمدينة الشويفات، بحيث يفوق عدد النازحين في البلدة وحدها 7 آلاف نازح، لإيجاد السبل المناسبة لتأمين احتياجاتهم ومقومات حياتهم اليومية. ويرى أحد أعضاء الخلية بأن «المسؤولية مضاعفة في غياب البلدية، والتي هي العمود الفقري لخلايا الأزمة على نحو عام».