جاء في “الأنباء”:
يلف الغموض مساعي وقف إطلاق النار في لبنان وسط حركة اتصالات واجتماعات نشطة، من مؤتمر باريس إلى لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في لندن، والعائد من جولة مشاورات في المنطقة حول لبنان وغزة، واجتماع آخر فرنسي – أميركي حول لبنان، وصولا إلى قطر حيث التحضير لمحاولة «الفرصة الأخيرة» بشأن التوصل لاتفاق في غزة قبل الانتخابات الأميركية.
وأفاد المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة بأن ميقاتي قال لبلينكن في الاجتماع: «نحن نصر على أولوية وقف إطلاق النار وردع العدوان الإسرائيلي، خصوصا ان هناك أكثر من مليون وأربعمائة ألف لبناني نزحوا من المناطق التي تتعرض للاعتداءات. كما تنتهك إسرائيل القانون الدولي باعتدائها على المدنيين والصحافيين والطاقم الطبي».
وشدد ميقاتي على «التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 كما هو من دون تعديل». وأضاف: «المطلوب أولا التزام حقيقي من إسرائيل بوقف إطلاق النار، لأن التجربة السابقة في ما يتعلق بالنداء الأميركي – الفرنسي المدعوم عربيا ودوليا، لوقف إطلاق النار أثرت على صدقية الجميع».
ونقل المكتب الاعلامي لميقاتي عن وزير الخارجية الأميركية قوله: «لا تزال واشنطن تسعى إلى الحل الديبلوماسي لوقف فوري لإطلاق النار والتزام كل الأطراف بالقرارات الدولية التي تضمن الاستقرار في المنطقة».
وأضاف مكتب ميقاتي: «أعرب بلينكن عن دعم الولايات المتحدة للمؤسسات الحكومية لاسيما الجيش والقوى الأمنية، وشدد على أهمية الدور المنوط بالجيش في تنفيذ القرار 1701، وأهمية التوصل إلى حل ديبلوماسي للنزاع القائم ووقف العنف».
توازيا، لا يمكن اعتبار تصريح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي حول إمكانية وقف الحرب في لبنان، جراء ما اعتبره تحقيقا للأهداف الإسرائيلية بالقضاء على قيادة «حزب الله»، عدا تنازليا ليأخذ به اللبنانيون جرعة نفس، بعد توسيع إسرائيل حربها منذ 23 أيلول الماضي.
وربطا بتصريح هاليفي، تحدث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن قرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وبين هاتين الإشارتين حول وقف غير وشيك للحرب، اشتدت الضربات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع، وطالت صباح الجمعة الاعلاميين باستهداف مقر إقامتهم في حاصبيا، وأودت بحياة 3 صحافيين، اثنان من قناة «الميادين» التي سبق وفقدت إعلامية ومصورا ومرافقا، ومصورا من قناة «المنار». كما اصيب اخرون.
وكان الاعلام خسر مصورا لبنانيا في 13 تشرين الاول 2023 من فريق «رويترز»، فيما أصيب معه يومذاك باستهداف من دبابة إسرائيلية صحافيان من وكالة «فرانس برس» وأخرى من «الجزيرة».
في أي حال، قال ديبلوماسي غربي لـ«الأنباء»: «ان إطالة إسرائيل أمد الحرب مع حزب الله ليس في مصلحتها». واعتبر «ان الجيش الإسرائيلي استهل حربه الموسعة بتحقيق نجاحات باهرة، باغتيال قيادات الصف الأول في الحزب. الا انه ومع الوقت، فقد البريق خصوصا على الأرض، وبدأ يتكبد خسائر في المواجهات الحدودية مع مقاتلي الحزب، وسط ارتفاع في عدد المصابين وخصوصا القتلى لدى الجيش الإسرائيلي».
وقال مصدر مطلع على مسار المحادثات اللبنانية مع الموفد الأميركي أموس هوكشتاين لـ«الأنباء»: «صحيح ان البحث تركز حول القرار 1701 حصرا، ولكن كيفية التنفيذ والتفاصيل الاجرائية وكما يقال دائما: الشيطان يسكن في التفاصيل. وهذه الكيفية ربما غائبة عن الكثيرين أو يتجاهلونها».
وأضاف المصدر: «ان تنفيذ القرار 1701 لا يعني العودة إلى عشية الثامن من تشرين الاول 2023، فهذه المرحلة قد أصبحت من الماضي. وتنفيذ القرار شأن آخر، ذلك ان القرار 1701 لم ينفذ ولم يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار. بل تم فقط وقف الأعمال الحربية، وثانيا فإن تنفيذ الاتفاق يتطلب وقفا شاملا ونهائيا لإطلاق النار بضمانات دولية».
وأشار المصدر «إلى ان مجلس الامن وتحديدا من وضع القرار، طلب عدم عودة السكان إلى الجنوب ريثما يتم نشر القوات الدولية التي تم زيادة عددها مع انتشار الجيش اللبناني في الجنوب. وعندها يصادق مجلس الأمن على وقف إطلاق النار ويصبح القرار نافذا. غير ان الجانب اللبناني رفض تأجيل عودة السكان. وبعد ساعة من الوقت المحدد لانتهاء المعارك او لتوقف صوت المدفع، كان الجنوب قد غص بأهله النازحين وتوقف الامر عند هذا الحد. فلا الجيش انتشر ولا القوات الدولية قامت بدورها وبقيت الحرب نارا تحت الرماد. وهذا ما أشار اليه الموفد الأميركي اموس هوكشتاين عندما قال ان القرار 1701 لم ينفذ لا من لبنان ولا من إسرائيل. وبالتالي فإن تنفيذ القرار سيضع شروطا على كل من البلدين. شروط تلزمهما عدم إحداث أي خرق أمني. وهذا ما يشكل العقبة التي يدور النقاش حولها. وفي هذا الوقت فإن الجانب الإسرائيلي يصر على التفاوض تحت النار، وحتى اتخاذ الخطوات التنفيذية لوقف النار، ويذهب بعيدا في تصعيده».
حياتيا، استمرت المرافق اللبنانية في العمل، من مؤسسات عامة وأخرى خاصة، وسط شلل في المناطق التي يشملها القصف الإسرائيلي في الجنوب والضاحية الجنوبية والقسم الأكبر من البقاع.
ولم تسجل حالات إقبال على شراء المواد الغذائية او الأدوية والمحروقات، وإن كانت مناطق النزوح شهدت طلبا كثيفا على البضائع على اختلاف أنواعها، بسبب اكتظاظها بالسكان، وخصوصا في المناطق الوسطى والجبلية.