Site icon IMLebanon

توتّر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

People rest at a school in Beirut housing displaced people who fled Israeli strikes in southern Lebanon, on September 26, 2024. Israel flatly rejected on September 26 a push led by key backer the United States for a 21-day ceasefire in Lebanon, as it vowed to keep fighting Hezbollah militants "until victory". (Photo by AFP)

كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:

بالتوازي مع المخاوف الكبيرة من الحرب الإسرائيلية التدميرية المتواصلة على لبنان، وأهدافها المعلنة وغير المعلنة، تتفاقم الهواجس من فتنة داخلية قد تعمد إسرائيل إلى إذكائها في مرحلة من المراحل، في ظل توافر معظم عناصرها، بخاصة لجهة التوتر المسيطر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين.

ففيما يعاني النازحون من ضغوط نفسية هائلة نتيجة دمار منازلهم وتركهم قراهم وبلداتهم للمكوث في مراكز إيواء، معظمها غير مجهزة بشكل لائق، يبدو قسم كبير من أهالي المناطق المضيفة متوجسين على أمنهم ويخشون أن يفاقم طول الأزمة الإشكالات مع ضيوفهم.

إشكالات يومية

وعمدت إسرائيل في الأسابيع الماضية على زيادة الهوة بين الطرفين من خلال استهدافها مناطق وبلدات تُصنف «آمنة»، منفذةً عمليات اغتيال بحق مسؤولين في «حزب الله»، ما جعل أبناء هذه المناطق يستشعرون الخوف من وجود عناصر ومسؤولين في المباني التي يسكنونها.

كذلك تسجل يومياً عشرات الإشكالات، سواء داخل مراكز الإيواء بين النازحين أنفسهم أو بينهم وبين الأجهزة الأمنية، وكذلك مع بعض أبناء المناطق التي تستضيفهم.

ولعل أبرز الإشكالات مؤخراً تلك التي تمثلت بإقدام قوى الأمن على محاولة إخراج نازحين من أملاك خاصة، أو إزالة تعديات على أملاك عامة.

ووصف مصدر سياسي مطلع الوضع على الأرض بـ«غير المطمئن»، مشيراً إلى أن «إقدام إسرائيل على إشعال فتنة داخلية هو سيناريو متقدم لإشغال (حزب الله) عن جبهة الجنوب ومواصلة إضعافه وتفكيكه».

ولفت المصدر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «نتنياهو يعتبر أن لديه مهلة زمنية حتى منتصف ديسمبر (كانون الثاني) المقبل، حتى استلام الإدارة الأميركية الجديدة مهامها فعلياً، كي ينفذ خططه دون حسيب أو رقيب، ولذلك يفترض استنفار المسؤولين اللبنانيين في الداخل لقطع الطريق أمام هذه الخطط».

واعتبر المصدر أن «التفاهمات التي حصلت بين 48 نائباً في مجلس النواب، الاثنين، على تنظيم وجود النازحين أساسية جداً ويمكن النظر إليها باعتبارها خطوة أولى لتحصين الوضع الداخلي».

حادثة الدكوانة

ولفت الاثنين ما حذّر منه عضو تكتل «الجمهورية القوية»، رازي الحاج، لجهة إدخال شاحنتين تحملان أكياساً من «الترابة الجاهزة» إلى مهنية الدكوانة (الواقعة في محافظة جبل لبنان وذات الغالبية المسيحية)، التي تحولت مركز إيواء.

وسأل: «هل المطلوب تحويل مركز الإيواء في الدكوانة إلى تحصينات؟ وما الحاجة إلى مواد بناء فيه؟»، مطالباً الأجهزة الأمنية «بوضع حد لكافة التجاوزات التي تحصل في مهنية الدكوانة وفي ثانوية الدكوانة أيضاً، حيث حصل إطلاق نار منذ بضعة أيام».

وأوضح مصدر أمني أن «مخابرات الجيش كشفت على الأكياس التي تبين أنها تحوي مواد تساعد على تثبيت ورفع خزانات المياه، وهي تقدمها إحدى الجمعيات، ولكن طُلب التخلص منها لمنع حصول إشكالات».

ولفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجيش يقوم بدوريات حول مراكز الإيواء باستمرار، لتفادي وقوع إشكالات، خصوصاً وأن التشنج موجود بين بعض النازحين وبعض أبناء البلدات المضيفة».

إِشكالات يومية

وأوضح النائب الحاج في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بغض النظر عن وجهة استخدام هذه الأكياس، فإنه من المرفوض تحويل مراكز مؤقتة للإيواء إلى مراكز دائمة»، مشيراً إلى «إشكالات يومية تحصل بين بعض المسؤولين الحزبيين عن المراكز وأبناء المناطق»، مضيفاً: «أي وجود داخل المناطق لا يحترم قانون الملكية الخاصة والعامة يجب التعامل معه من قبل الأجهزة والسلطات المحلية والأجهزة الأمنية. فكل ما نطلبه الانتظام تحت سقف القانون، ولا نية لنا أن يشعر أحد أنه مستهدف».

وضع خطير

وتصف الناشطة السياسية الدكتورة منى فياض الوضع داخل المجتمعات المضيفة بـ«الدقيق والخطير»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «النازحين المهجرين من قراهم لا يزالون تحت وقع الصدمة الكبيرة، وهم لا شك لن يتأقلموا بسهولة مع هذا الوضع الجديد».

وتشدد فياض، أستاذة علم النفس، على وجوب استعجال الحلول، لأن كل تأخير يهيئ لمشكلة كبيرة، حتى ولو لم نكن بصدد حرب أهلية، إنما سنكون بصدد عنف أهلي، خصوصاً وأن التوترات لا تنحصر أصلاً بين النازحين والمجتمعات المضيفة، إنما هي باتت داخل العائلات التي تحتاج دعماً نفسياً».