Site icon IMLebanon

التدمير الممنهج للقرى الحدودية جعلها منكوبة

كتبت اتحاد درويش في “الانباء الكويتية”:

تعرضت البلدات والقرى الجنوبية الواقعة على الشريط الحدودي إلى قصف إسرائيلي مركز أدى إلى تغيير في معالمها.

فبعد أن كثفت إسرائيل من غاراتها الجوية على تلك القرى والبلدات، عمدت إلى تفخيخ المنازل وتجريف الطرقات. وعكست المشاهد التي بثتها وسائل إعلام إسرائيلية، حجم الدمار الهائل في الأبنية السكنية وفي الحقول الزراعية والمرافق العامة وأماكن العبادة. كذلك لم تسلم المقابر من نيرانها الآخذة في التهام البشر وتدمير الحجر.

قبل أكثر من أسبوع تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية مستهدفة في شكل أساسي المناطق المحاذية للشريط الحدودي، وحولتها الآلة العسكرية الإسرائيلية إلى قرى منكوبة.

وقالت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في بيان «أن العملية العسكرية الإسرائيلية الرامية إلى إحداث منطقة عازلة على طول الحدود في جنوب لبنان، وبمسافة تقدر بحوالي 5 كيلومترات من الخط الأزرق، تشكل جريمة حرب تتمثل في التدمير غير المبرر والممنهج للمساكن والأعيان العامة».

وأشارت الهيئة إلى أن «الجيش الإسرائيلي مستخدما الغارات الجوية والجرافات والتفجيرات المتحكم فيها يدويا، دمر المباني المدنية بشكل غير قانوني وسوى أحياء كاملة بالأرض بكل ما فيها من منازل ومدارس ومساجد وكنائس ومزارات ومواقع أثرية، إضافة إلى تجريف الأراضي الزراعية وشبكات المياه ومحطات تحويل الطاقة ومحطات الطاقة الشمسية والآبار الارتوازية».

وأعلنت الهيئة أنه «من خلال تحليل صور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو التي نشرها الجنود الإسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الفترة بين تشرين 2023 وتشرين 2024، تمكن فريق رصد انتهاكات القانون الدولي الإنساني في الهيئة بالتعاون مع عدد من الخبراء من تحديد عدد من المواقع التي تعرضت للتدمير غير المبرر والممنهج في ثماني قرى لبنانية على الأقل. وفي بعض مقاطع الفيديو يظهر الجنود الإسرائيليون وهم يتهيأون لالتقاط الصور احتفالا بالتدمير بينما تهدم البيوت في الخلفية».

مصدر عسكري قال لـ«الأنباء»: «الغاية الأساسية من العمليات الإسرائيلية التدميرية لهذه القرى، هو إيلام سكانها وإيذاؤهم لأنهم يعتبرون في نظر إسرائيل من بيئة حزب الله، والقول لهم بأنه لا يستطيع حمايتكم وحماية منازلكم وأملاككم».

أما في البعد الأمني بحسب المصدر «فيحاول الجيش الإسرائيلي إيجاد منطقة مقابل حدوده مدمرة خالية من البيوت ومكشوفة لتسهيل مراقبتها، بما يعوق أي احتمال لأي هجوم يستهدف مناطقه. وبالتالي تحاول إسرائيل استنساخ نموذج غزة في كل لبنان، من خلال التدمير الهمجي وإن لم يصل إلى مستوى ما فعلته في غزة، لأن إستراتيجيتها قائمة على التدمير نظرا إلى تمتعها بقدرة جوية عالية تستغلها وتتبعها في هذا النهج المدمر، لإدخال الرعب في نفوس أبناء هذه القرى».

ويروي أحد أبناء بلدة يارون الواقعة على الحدود الجنوبية الأمامية لـ«الأنباء»: «قبل أكثر من شهر كانت البلدة قد نالت نصيبها من التدمير منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وقد قارب عدد الوحدات السكنية المدمرة الـ 100 إضافة إلى أضرار جسيمة لحقت بالممتلكات والطرقات والمزروعات والأماكن العامة وشبكات المياه والمولدات الكهربائية التابعة للبلدية، فضلا عن المساحات الخضراء التي أحرقت عمدا، منها حرج قديم من السنديان عمره مئات السنين وتقدر مساحته بـ 560 دونما أحرق بالكامل».

وأضاف: «بعد السابع من تشرين الأول 2023، غادر أبناء البلدة إلى القرى المجاورة، أي تلك الواقعة خلف خط النار المشتعل مثل قرى حاريص وتبنين وصولا إلى صور وصيدا وإقليم الخروب والشوف وبيروت، بعد أن توسعت العمليات العسكرية الإسرائيلية وباتت تهدد بالخطر».

وتابع: «البلدة التي يتعايش فيها الموزاييك الطائفي اللبناني في أجواء من التآخي والتلاحم، دمر الجيش الإسرائيلي الكنيسة والجامع والمقامات، وأيضا نصبا تذكاريا كانت البلدية أقامته تخليدا لذكرى ناصيف بو نصار».

واستطرد: «منذ أسابيع قليلة بدأت القوات الإسرائيلية التوغل في البر، وقامت بتجريف أحياء سكنية قديمة بشكل كامل، وهي أحياء مشيدة على الصخر ومن الطراز القديم ذات القناطر والأحجار القديمة».

ويذكر ابن بلدة يارون «أن القرى المحيطة بالبلدة لم تسلم من الخراب والدمار مثل بلدات عيترون ومارون الراس وبليدا وعيتا الشعب وكفركلا وميس الجبل وحولا ومحيبيب. وتم تفخيخ الأخيرة بشكل كامل ونزلت على الأرض مرة واحدة، بحسب ما يردنا من أخبار وصور وفيديوهات».

وقال: «تحاول إسرائيل تصدير أكبر كمية من الألم والخسائر، لجعلنا نتردد قبل التفكير بإعادة بناء قرانا، إضافة إلى بقائنا في أماكن النزوح لفترة أطول. لكنني أستبعد أن تبقى إسرائيل في تلك القرى، اذ يدخل جنود جيشها ويأخذون الصور ثم يغادرون».

وختم: «تركت فينا هذه الحرب جروحا وندوبا لا تنسى، ونحن نرى صور الأطفال والأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن وإبادة عائلات كاملة. وقد تكون بفظاعتها وتوحشها أصعب من حرب يوليو 2006، لجهة الأضرار الكبيرة في الأرواح والممتلكات. ففي حرب يوليو دمر 40 منزلا في بلدة يارون. أما في هذه الحرب فيمكن الحديث عن أكثر من تدمير 100 منزل بالكامل، إلى جانب استخدام إسرائيل للقذائف الحارقة والهاون وقذائف الـ 155 والقنابل العنقودية والفوسفور الأبيض والمسيرات. وأخيرا القذائف ذات الرؤوس التي تحمل سكاكين، وهي لا تنفجر بل تصيب الأشخاص وكأنها ساطور ضخم».