IMLebanon

شيخ العقل: لعدم الانجرار إلى فتنة داخلية

رأى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى أن “لبنان لن يموت وسيبقى لبنان التنوع والرسالة، مهما فعلت الحرب وبلغ عدد الشهداء ودمرت البيوت والمؤسسات وتضاعفت الخسائر، ستنتهي الحرب وعلينا أن نفكر بما بعدها، ليزدهر لبنان وينبعث من جديد. وكنز لبنان لا ولن ينضب بطاقات ابنائه ومبدعيه، فوسط أجواء الحرب نسمع الكثير من المبادرات لدى الشباب، مبادرات عملية واستثمارية تؤكد باننا شعب حي وقادر ان ينهض من تحت الركام. في المقابل يحتاج الامر الى الحكمة والوعي والوحدة وتضافر الجهود، من هنا كانت خطوة القمة الروحية لتعزيز هذا الواقع وتلك القيمة اللبنانية”.

وقال في حديث لـ”إذاعة الشرق”: “نعيش مرحلة تاريخية مفصلية معقدة ودقيقة في ظل الحرب العدوانية التدميرية الخطيرة التي توحي وكأن لبنان الى نهاية وزوال ولكن هذا امر مستحيل، وثمة تجارب تاريخية حصلت وبقي لبنان صامدا رغم الحروب والمآسي التي مرت عبر التاريخ، كذلك التجربة اللبنانية تؤكد ذلك. فالتنوع في لبنان ضمانة بقدر ما يمكن ان يكون مصدرا للخلافات”.

واشار الى ان “القمة الروحية كان الجميع فيها على نفس المبدأ والتوجه وكان نقاش ووجهات نظر متباينة احيانا ولكن التقينا على المحبة على الرحمة على المودة على الوطنية، واكدنا على اهمية لبنان الواحد وعلاقاته وانتشار شبابه في العالم، مما يعني ان البلد غير متروك ولن يتخلى المجتمع الدولي عنه، ولكن علينا نحن ان لا نتخلى عن انفسنا وعن وطننا. تلك مسؤولية داخلية تقابلها مسؤولية المجتمع والأصدقاء. لا ادعي لنفسي انني كنت وحدي بهذا المسار في القمة، فلو لم يكن هناك دعوة صادقة من غبطة البطريرك الراعي وهناك تقبل صادق وشعور بالمسؤولية في هذا الوقت الحرج من الجميع، لما تسهلت القمة”.

وتابع: “نادينا بالقمة منذ فترة طويلة وتعثرت لأسباب ولمتغيرات لكن هذا الوقت كان مناسبا وتلاقت افكارنا ونوايانا وقلوبنا على ضرورة ان نحرّك الوضع بمسؤولية، مسؤولية روحية وأخلاقية على رؤساء الطوائف تجلت في اللقاء اولا، تحت شعار اطلقته منذ البداية، الحياد عن كل ما يفرق والانحياز الى كل ما يجمع، لان لبنان لا يستطيع ان يكون محايدا عن كل الأمور ولا منحازا الى اي مكان، بل يتعامل مع الجميع بحكمة وعقلانية وبمحبة. واجبنا كلبنانيين ان نتفهم بعضنا بعضا ونحترم مودّات بعضنا وارتباطاتنا الروحية، وان يكون الولاء للوطن، الواجب الوطني بان نكف عن اعلان الولاء للخارج. فلتكن صداقاتنا وعلاقاتنا الطيبة شرقاً وغرباً ولكنها تصب في خدمة لبنان، فهو بحاجة الى الجميع وموضع تقديرهم، وليس على قاعدة التبعية التي قد تساعد في تغليب فئة على اخرى وهذا مكمن الخطر في ضرب الصيغة اللبنانية”.

واضاف: “العدوّ الإسرائيلي يخترع الذرائع، لتنفيذ مخطّطاته وتحقيق أطماعه، فهو جارٌ لا يُصدَّق ولا يُركَن إليه، الحكمة ان لا نستدرج الى الحرب، الحكمة التي اطلقها “وليد بك” وأطلقناها بان لا نستدرج الى الحرب. لبنان محكوم بطوق من التناقضات تكاد تمزقه وبتحديات كبيرة، ولكن العلاقات والولاءات الخارجية تزيد الأمور تعقيدا. علينا ان نتقن علاقاتنا الدولية مع الخارج، مع الدول صاحبة القرار، اسناد الأخوة بعضهم لبعض واجب، ولكن ضمان وسلامة الوطن هي الأهم وتحييده عن المخاطر هو الأوجب. المقاومة السياسية والدبلوماسية أجدى، يبقى لبنان الصغير بحجمه والكبير برسالته هو بحاجة الى الحياد في كثير من الأحيان وبحاجة للموقف لا للحياد، حيال القضايا المطروحة، فالقضية الفلسطينية مثلا شائكة ومعقدة لن يحلها لبنان وحده وهي موضع اهتمام دولي، والهمجية الاسرائيلية يجب ان تكون دافعا للمجتمع الدولي، لكي يساهم في ايجاد حل لقيام دولة فلسطينية. كما ان اهمية القمة في ترجمة ما نتج عنها، ليكون ذلك تحدّيا امام الجميع، وتبقى اهميتها ايضا أنها أكّدت على دور المرجعيات الروحية في بث روح التضامن والمحبة وساهمت في خلق اجواء من التفاؤل والاطمئنان والأمل الى حد كبير. كما وحدت المواقف حول الثوابت حتى تضمن سلامة الدولة ومنع الفتنة. فهناك اجواء مشحونة وانفعالات، أهمية القمة انها جمعت الرؤساء الروحيين على الثوابت، واكدنا على مرتكزات مهمة: العودة الى الدولة بشروط الدولة، وعلى الواقع المتأزم الذي لا يقبل المماطلة، طالبنا بوقف فوري لاطلاق النار، بانتخاب فوري لرئيس الجمهورية، بتطبيق فوري للقرار 1701 وبتجهيز الجيش ونشره فوراً في المنطقة الحدودية ليقوم بدوره. فهناك إلحاح لتطبيق بنود البيان، فتلك أولويات إذا قدرنا ان نستقطب الرأي العام العالمي وتفهُّم الدول الكبرى وعطف الدول الشقيقة والصديقة لوقف العدوان الإسرائيلي وإدانته وإنهاء الحرب، عندئذ يكون انجاز كبير”.

وردا على سؤال عن الفتنة وتخريب تمثال الأمير مجيد، قال: “الامر متروك للمير طلال، وممكن ان تكون في اطار السرقة وربما تكون اكبر، والحوادث التي تتنقل وتتكرر في الجبل يجب تطويقها بسرعة، وان لا تكون سببا في اشعال فتنة، وان لا نضخم الأمور، وكان تواصل معنا من قيادة الجيش، فيجب ان لا نخلق ذرائع للفتنة”.

ورأى ان “الساحة اللبنانية مفتوحة على الفتن والفوضى وبقدر ما نطوقها بالوعي والحكمة والروح الوطنية، فلا شماتة ولا مكابرة ولا تحدٍّ ولا استقواء، بل تواضع ومحبة وتضامن وتعاطف، والمطلوب اليوم أن نستوعب ما يجري، وألا ننجر الى فتنة داخلية. كما ان الساحة مفتوحة للمخابرات العالمية، وهذا البلد معرض ليكون ساحة مستباحة بقدر ما نحيده عن هذه المسائل بقدر ما ننجح ونؤكد على وحدتنا الوطنية ونضمن بلدنا”.

وعن الانتخابات الأميركية، قال: “علينا انتظار النتائج، وبرأيي مهما كانت الانتخابات مهمة، فلا تغير من ثوابت السياسة، لذا، يبقى تفاهمنا نحن كلبنانيين هو الأهم”.

وردا على سؤال حول أسباب الحرب، قال: “لا بد ان نعود الى شروط الدولة وبان يكون هدفنا هو بناء الدولة وما يتطلب من انتخاب رئيس للجمهورية بأكبر قدر ممكن من التفاهم والتوافق (هذه العبارة التي انقذت الموقف)، بناء الدولة والالتزام بالدستور، علّ اصواتنا تصل الى السياسيين. اننا نعمل على لجنة متابعة، لكي تطرق ابواب السياسيين وتحرك الأمور والكل لديهم رغبة في وجود هذه اللجنة للمتابعة وتحركها على مستوى رفيع، فتلتقي اللجنة الخماسية وتتحرك ايضا باتجاه المسؤولين السياسيين ليساعدونا ونساعدهم، يساعدونا بالضغط، ايجاد طريق تؤدي الى حل ، لتمهيدها وازالة الاشواك ان كانت من قبل هذه الدولة او تلك يجب ان تزال، ان يكون ضغط لاحتضان عربي اكتر او دعم فرنسي او اميركي ، على الدول ان تساعد ولكن يبقى ان يتحمل المسؤولين عندنا مسؤوليتهم ويساعدوا المجتمع الدولي للوصول الى حل، وايجاد مساحة مشتركة مع المجتمع الدولي. فالحوار سبيل والتشنج يعقد الأمور ويبعد الحل، نحن في حالة حرب وشبه يأس من الواقع المعاش، علينا ان نخفف من التشنج ورفع صوت الحكمة والدعوة الى التضامن والوحدة الوطنية. سنحاول قدر الامكان ان نقوم بواجبنا، اقمنا القمة الروحية والبعض طرح علينا اقامة قمة اغاثية ايضا”.

وبالنسبة للنزوح، قال ابي المنى: “منذ اللحظة الأولى كان هناك خلايا أزمة من وليد بك وكل القيادات السياسية في الجبل والبلديات والمجتمع الأهلي، وكان لديهم الحرص الكافي على الاستضافة ولبوا النداء الذي اطلقناه جميعنا لاستضافة النازحين واعتبارهم ضيوفا مكرمين في المدارس والمراكز وفي البيوت. هذا الموضوع يحتاج اليوم الى تنظيم وضبط كي لا يكون هناك مشاكل، تفاهمنا مع وليد بك وحرصنا على حسن الاستضافة على ان يبقى زمام الأمور في يدنا في يد المجتمع المحلي والبلديات والقوى الأمنية، لمنع الخلل وكي لا تحصل اساءة الى النازح ولا الى المقيم. واجبنا المحافظة على اهل البلد وعلى اهلنا، وحتى في بيع الأراضي والعقارات هناك خوف اذا كانت هناك خطة ممنهجة لتغيير ديموغرافي، واسرائيل تسعى لهذا التغيير، نحذّر من البيع، وندعو الى ضبط الأمور وعدم التسرع، ان بعض البيوعات تحصل هنا وهناك لن تغير وجه الديمغرافيا الاجتماعية، ولكن اذا كان ضمن خطة ممنهجة واعداد كبيرة تسعى الى الشراء ومدفوعة الى تغيير سكنها، فربما تكون مشكلة اجتماعية ونوعا من القنابل الموقوتة التي تنفجر، نتداركها بتوجيه ابنائنا، فأرضنا ليست عقارات للبيع تراثنا وقيمنا وتاريخنا وعرقنا لن نتخلى عنها امام مغريات مادية، ربما تكون مخططات لدفع الجنوبيين المتعلقين والمتشبثين بأرضهم وسيعودون فورا الى ارضهم مع وقف اطلاق النار. قرار السلم والحرب لا بد من الوصول اليه وقد يحتاج الى نقاش طويل، يجب ان يكون التوجه بوجوب القرار بيد الدولة ربما يأخذ وقت طويل وبهذا الوقت يجب ان نتحاور ونتلاقى ونخفف من لهجة التخوين والتشنج ولا يسعني الا ان اشد على يد المسؤولين وان احفزهم واحملهم المسؤولية”.

وختم: “رسالتي اليوم انه الوقت الأنسب لكي نتخلى عن انانيتنا ونتمسك بالوحدة الوطنية ونحترم الدستور والدولة والى تضامن وطني والثقة بين بعضنا البعض وتغليب منطق الدولة على اي منطق آخر. انتخاب الرئيس يعطي ثقة للمجتمع الدولي بلبنان فرئيس الجمهورية مدماك اساسي في بناء الدولة وهذا المدماك يجب ان يكون قائم وموجود بالإضافة الى المداميك الأخرى، لتكتمل هيكلية الدولة وعقد المؤسسات. نحن طائفة اساسية تتحمل المسؤولية، نحن من الطوائف المؤسسة للوطن ولن نتخلى عن وطننا والدولة هي المظلة الحامية لنا جميعا، وكل ما يمكننا ان نقوم به من اجل هذه الدولة وهذه الأرض يجب ان لا نقصر. الوطن يحتاج الى مواقف موحدة، فالخوف يبدّد بالتضامن وبتأكيد ثقافة الصمود، لقاءاتنا دائمة لخير الطائفة وللوطن، فالطائفة جزء اساسي في هذا الوطن ولو كان عددها لا يوازي اعداد الطوائف الكبرى ولكن هي طائفة أساسية، فوحدتها وموقفها يصب في وحدة الوطن وموقف الوطن العام. التحية للرؤساء الروحيين جميعاً، ومهما قيل أن هناك تباينات وتجاذبات في القمة الروحية، كنا جميعنا في مستوى الوعي والحكمة والتعاون للإتفاق على النقاط المتقدمة جداً في موضوع الولاء الوطني وفي الموضوع الدولي وهذه خطوة متقدمة جداً يجب أن نستفيد منها. وأحيي كل الرؤساء الروحيين والمساعدين الذين ساعدونا للوصول الى هذه النتيجة وسنستكملها ان شاء الله.”