كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
أول أمس، أنقذت العناية الإلهية أرواح التلامذة في مدرستين في الجية وبرجا اللتين تعرّضتا لغارات، أدّت إحداها إلى وقوع مجزرة في برجا، ما اضطر بعض هذه المدارس إلى تأجيل الدراسة طيلة هذا الأسبوع. وهو ما أعاد إلى الواجهة مخاطر قرار وزير التربية عباس الحلبي، في 6 تشرين الأول الماضي، للمدارس الخاصة أن تختار شكل التعليم الذي تريده، واشتراطه أن يكون التعليم الحضوري على مسؤوليتها الخاصة، إذ إن المدارس لا تستطيع أن تحدد المخاطر الناتجة عن الحضور، ولا تعرف بنك أهداف العدو الذي ثبت أنه ليس لديه مكان آمن. وهذه المدارس من جهتها مالت إلى اعتماد التعليم الحضوري، متجاوزة الشرط الذي وضعته الوزارة، وهو أن تتيح للتلامذة كل خيارات التعليم من حضوري ومدمج و«أونلاين»، كي تسمح للجميع بالوصول إلى التعليم. والأدهى أن هناك مدارس في بعبدا على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت وأخرى في صيدا تجسّ نبض الأهالي للتعليم الحضوري بعدما كانت تعتمد التعليم «أونلاين»!
وأكّدت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى الطويل، أن الاتحاد يرفض الضغط على الأهالي للموافقة على التعليم الحضوري، ولا سيما في المناطق المعرّضة للمخاطر الأمنية، مؤكّدة ضرورة الالتزام بخطة وزير التربية لجهة إتاحة كل خيارات التعليم أمام التلامذة.
إلى ذلك، لا يزال التخبط يسود خطة وزارة التربية لإنقاذ العام الدراسي. فالبند المتعلّق باستخدام 169 مدرسة خاصة، بعد الظهر، لتعليم التلامذة النازحين من المدارس الرسمية والخاصة لا يزال معلّقاً، بعدما أرجأ مجلس الوزراء، أمس، البت فيه إلى حين تأمين كلفة الإيجارات التي ستدفعها وزارة التربية لأصحاب المدارس الخاصة في مقابل استعارة المباني. وعلمت «الأخبار» أن وزير التربية طلب سحب البند من جدول الأعمال لكون التفاوض لا يزال مستمراً بين الوزارة ومنظمة «اليونيسف» التي ترفض حتى الآن أن تدفع أموالاً للمدارس الخاصة، ما يثير أسئلة حول سبب استعجال الحلبي على بدء العام الدراسي مع علمه بأن الحكومة غير قادرة على استئجار المباني من المدارس الخاصة، وما إذا أراد وضع الحكومة أمام الأمر الواقع بعد فشل المحاولات مع «اليونيسف» لتمرير صفقة مع المدارس الخاصة على حساب الدولة اللبنانية؟
وكان الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، يوسف نصر، طلب في مقابلة تلفزيونية، رصد 100 مليون دولار للقطاع الخاص من حصة المساعدات في مؤتمر باريس!
على المقلب الآخر، بدأت المدارس الرسمية المقفلة على خط النار في الجنوب والنبطية والبقاع والضاحية الجنوبية تسجيل طلابها بعدما وزّعت عليهم أرقام الحسابات التي تمكّنهم من ولوج المنصات التعليمية لمتابعة التعليم عن بعد، فيما يبقى التحدي في تأمين مقوّمات هذا التعليم في غياب التجهيزات بين أيدي الأساتذة والتلامذة النازحين.
إلى ذلك، وافق مجلس الوزراء أمس على مرسوم مضاعفة المحسومات والمساهمات 17 ضعفاً لإعطاء الأساتذة المتقاعدين من التعليم الخاص أدنى حقوقهم، وهي الرواتب التسعة، ليبقى الرهان على أن تموّل إدارات المدارس هذه الرواتب من أرباحها المتراكمة، لا من الزيادات على الأقساط المدرسية.