كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
رسمت رسالة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في السادس والعشرين من تشرين الأول الماضي للبنانيين الأميركيين بشأن العمل على ضمان سلامة وأمن الشعب اللبناني خارطة طريق لتعاطيه مع الملف اللبناني وتحديدا في ما خص الحرب. بدا هذا الألتزام من الرئيس ترامب قبيل انتخابه صارما، حتى أن المقربين منه أعادوا التذكير به.
ولأن الأولوية اليوم هي لوقف إطلاق النار فإن الملفات الأخرى ولاسيما منها المتصلة بالاستحقاق الرئاسي ومساعدة المؤسسات الدستورية لم تدخل في صلب هذه الرسالة مع العلم أن عبارة «الحفاظ على الشراكة المتساوية بين جميع اللبنانيين» وردت فيها.
واذا كان التعهد بالسلام أمر مفروغ منه فإن السؤال المطروح عن مصير متابعة الإدارة الأميركية لانتخاب رئيس جديد للبلاد وانهاء الشغور. ووفق المتابعين فأن هذا الملف ليس مستبعدا إنما استئخاره تم بفعل الأحداث التي فرضت نفسها والفشل في فصله عن مسار الأوضاع في البلاد أو حتى انجازه بمعزل عنها. فهل يشكل محور اهتمام أميركي عاجل، ام أن التفويض للفرنسيين واللجنة الخماسية هو ما قد يجعل الإدارة الأميركية الجديدة بمنأى عن الأهتمام به.
ما هو مؤكد اليوم أن الأميركيين يؤكدون أهمية إتمام الاستحقاق الرئاسي سريعا من دون أية إشارات أخرى، انما من يتابع عن كثب المواقف الأميركية فإن ثابتة عدم التدخل بالمرشحين تتم الاشارة إليها, لكن مصادر سياسية مطلعة تؤكد لـ «اللواء» أن السفيرة الأميركية ليزا جونسون وفي معظم جولاتها لا تخفي اشادتها بقائد الجيش العماد جوزف عون, ما يدلل على ان الأميركيين يؤيدون وصوله إلى سدة الرئاسة، هذا الانطباع قائم حتى الآن إنما لا يمكن استبعاد فرضية تغيير ما في لحظة تسوية للبنان قد تدفع إلى غربلة الخيارات الرئاسية، معلنة أن التوجه الأميركي في هذا المجال لم يتبلور بشكل حاسم ومن هنا تقوم فرضية تأجيل النقاش في هذا الملف لفترة إضافية، ومعلوم أن الإدارة الأميركية تشدد دوما على عدم التدخل وحتى مع وصول الرئيس الأميركي الجديد إلى البيت الأبيض، يتكرر هذا الأمر.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن اللجنة الخماسية لم تقرر شيئا جديدا وإن التحركات المنفصلة للسفراء ليست بالضرورة ان يكون طابعها رئاسيا، اما الكلمة الأخيرة فهي داخلية بامتياز, والداخل اليوم يوزع اهتمامه على كيفية وقف الحرب وابراز نية صادقة في الالتزام وايواء النازحين والتنبه لأي فوضى، وهناك من يواصل وضع فيتوات على اسماء مرشحة. اما الحديث عن أن نوعية المرحلة المقبلة هي من تحكم هوية رئيس الجمهورية، فذاك غير مستبعد، لكن اطالة أمد الحرب قد تدفع إلى إعادة النقاش في جعل الملف الرئاسي على سكة النقاش مجددا، والمسألة هنا بيد رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتلاحظ ان هذا لا يعني إتمام الأستحقاق, فالتهيئة له لا تزال غير منجزة لاسيما على صعيد التفاهم المنشود.
وتعتبر المصادر أن هناك قلقا أميركيا من شغور المؤسسة العسكرية ولذلك فأن تمرير ملف التمديد لقائد الجيش يبقى حاجة ضرورية قبل انتهاء التمديد الأول له, وهذا التمديد قد لا يعني تراجع حظوظ العماد جوزف عون الرئاسية. وتقر المصادر نفسها بأن الأولوية الأميركية إمكانية الوصول إلى إنهاء الحرب في المرحلة المقبلة، وقد تكون هناك سلة متكاملة من الحلول الأمنية على صعيد نشر الجيش على الحدود وتطبيق القرارات الدولية والسياسية من بينها انتخاب رئيس للبلاد, ولا يمكن عقد أية آمال على الفترة الفاصلة من استلام رئيس الولايات المتحدة الأميركية الجديد لجهة تبيان المشهد الرئاسي والمرشحين والصفة التي ترافق الرئيس العتيد ومهماته وكل ما يتصل بتوجهاته.
المطالبة بانتخاب رئيس البلاد تطلقها الإدارة الأميركية في إطار نغمة متكررة، اما المعوقات فمحلية قبل أن تكون خارجية على أن فرض ضغوطات لجعله سالكا قد يكون الحل الأخير.