Site icon IMLebanon

نعيم قاسم أمام “الثمن الباهظ”… أو “الخذلان”!

جاء في “الشرق الأوسط”:

يؤكد «حزب الله» أنه استجمع أنفاسه، واستعاد توازنه، وعاد إلى ساحة المعركة بعد كارثة أجهزة الاتصالات «البيجر» (Pagers) التي أدّت إلى مقتل أو جرح آلاف من عناصره. هذا ما شدّد عليه أخيراً الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.

يعود الحزب اليوم إلى ساحة المعركة من حيث أثبت وجوده تاريخيّاً، أي من جنوب لبنان، حيث أغرق إسرائيل في حرب استنزاف، وأرغمها على الانسحاب من الأراضي اللبنانية عام 2000، وهو يذهب الآن إلى معركة الجنوب بعدما خسر العمق الاستراتيجيّ، سواءً كان في بيئته أو في بنيته، أو حتى في قدراته العسكريّة، فالضاحية الجنوبيّة لبيروت أصبحت ركاماً. بعلبك ومحيطها في شرق لبنان لم يعودا كما كانا، قاعدة خلفية للحزب ومفتاح «الممرّ السوري» لوصول الدعم الإيراني، عبر العراق بالطبع، كما أن سوريا نفسها، حيث للحزب قواعد خلفية مهمة، تغيّرت بدورها في ظل الضربات الإسرائيلية المتكررة التي طالت حتى الداخل الإيرانيّ مرّتين في الأشهر الماضية.

أعلن الشيخ نعيم قاسم برنامجه في قيادة «حزب الله»، وهو برنامج الأمين العام السابق. في هذا البرنامج لا تزال الأهداف القديمة كما كانت، من «جبهة الإسناد» لغزّة، إلى تحرير الأرض، إلى ضرب المشروعَين الإسرائيلي والأميركيّ في المنطقة. بكلام آخر، لا يزال المشروع كبيراً، لكن وسائله لم تَعُد كما كانت، فغزّة لم تَعُد كما كانت عندما كانت حركة «حماس» في أوج قوّتها، كما أن هناك من يعتقد أن جبهتَي غزة ولبنان لم تعودا مترابطتين كما كانتا عندما أطلق «حزب الله» جبهة الإسناد في تشرين الأول العام الماضي.

لا يعتقد الأمين العام الجديد للحزب أن القرارات الدوليّة وحدها قادرة على تحرير الأرض، لكنه يطرح في المقابل خيار العودة إلى وقف النار، وتطبيق القرارات الدوليّة، وفي طليعتها القرار 1701.

وبذلك يمزج الأمين العام الجديد لـ«حزب الله» بين تأكيد قدرات مقاتليه على التصدي لإسرائيل، وإظهار ليونة سياسية في ما يخص وقف الحرب.

والواقع أن قاسم سيُقارَن دوماً بسلفه الراحل حسن نصر الله، حيث كان نائبَه لأكثر من 3 عقود، والمقارنة هنا لا تشمل فقط المزايا الشخصية لكل من الرجلين، بل تمتد إلى مواقفهما السياسية، فلو غيَّر قاسم الموقف من قضايا كان يتمسّك بها الأمين العام السابق، فإن هناك من سيَعُدّه متخاذلاً، وإن تمسّك بها على الرغم من قدرته على تحقيقها، فإنه قد يكلّف حزبه ومجتمعه أثماناً باهظة.

يقول بعض الخبراء إن «حزب الله» كان قد وصل قبل الحرب على غزةّ إلى نقطة الذروة في صعوده (Overextension) ونمّو قوّته التي تراجعت كثيراً اليوم، بحسب ما تؤكد إسرائيل في إعلاناتها المتكررة عن قتل قادته، وتدمير مخازن أسلحته، وهناك من يعتقد أن «حزب الله» بات اليوم مع الأمين العام الجديد ورقة مساومة بين اللاعبين الكبار، فهل أُعيد «حزب الله» إلى حجمه الطبيعي؟

أثر الحرب

وسواءً عاد الحزب إلى حجمه الطبيعي أم لا، فإن نتيجة الحرب الحالية ستترك آثاراً كبيرة على المجتمع اللبناني، فإن ربح الحزب الحرب فإنه سيبقى بمثابة دولة ضمن دولة، وسيكون مسيطراً عليها ربما أكثر من قبل. أما خسارته الحرب فإنها ستقذف إلى حضن الدولة اللبنانية، المتعددة الأديان والمذاهب، مجتمعاً مقاتلاً ومؤدلَجاً، ولاءُ شريحة منه على الأقل ولاءٌ عابر للحدود.

فكيف ستتعاطى الدولة مع مقاتلي «حزب الله»؟ هل ستشكّل وحدة خاصة منهم؟ وما هي مهمتهم؟ وهل سيؤثرون على ترابُط ولُحمة وحدات الجيش اللبناني؟ أين سينتشرون؟ وهل يعني الانسحاب خلف نهر الليطاني، بحسب القرار الأممي 1701، نزعاً لسلاح الحزب؟ بالطبع لا، فالقرار لا يتضمّن بند نزع السلاح.

في الختام، تمرّ المنطقة حالياً بمرحلة جديدة ومختلفة، الأمر الذي غيّر كل معادلات استعمال القوّة العسكريّة، فهل يملك ما تبقّى من الدولة اللبنانية سلطةَ التفاوض حينما يكون قرار المعركة ليس بيدها؟