كتب مايز عبيد في نداء الوطن:
أوضاعٌ صعبة يعيشها النازحون القادمون إلى عكار من مناطق الحرب، جعلتهم يتحدّثون بوضوح عن مسؤولية أحزابهم “أمل” و “حزب الله” لتركهم يواجهون مصيرهم القاتم بأنفسهم، لا سيّما قدوم الشتاء وصعوبة العيش في المناطق الجردية العالية بفيّ ظل غياب الكهرباء والتدفئة.
بحسب بعض النازحين فإنّ المساعدات التي تأتي من جهات حزبية لا توزّع بعدالة بينهم إنما سياسياً، فالأقرب لهذه الأحزاب يحصل على مساعدات أكبر وأسرع. في عكار يناهز عدد النازحين المئة ألف. ووفق أرقام غرفة إدارة الكوارث في محافظة عكار، تضمّ القبيات 700 نازح، وفي عندقت 691 مقابل 303 أشخاص في شدرا.
جرد القيطع
في مناطق جرد القيطع (أعالي عكار)، وصل نازحون من مناطق عدة وبالأخص من بعلبك والهرمل. ويسكن في بلدة فنيدق أكثر من ألفي نازح، مقابل 1200 نازح في بلدة مشمش. لا مراكز إيواء في فنيدق، إنما يقطن النازحون في البيوت، منها الجاهز والمفروش ومنها ما هو غير ذلك. أما في مشمش فيقيم النازحون في مراكز إيواء (المعهد والمدرسة الفنية) ونسبة ضئيلة تقطن في منازل. لجانُ إدارة الأزمة أجرت مسحاً لكل الحاجات، وتحاول تأمين ما يمكنها من احتياجات. لكن مع تقدّم الوقت تزداد الاحتياجات لا سيما أن هذه العائلات قد وصلت ولم يكن في حيازتها أيّ شيء.
نازحون واحتياجات
في البلدات التي يبدأ فيها البرد باكراً، لا تتفاوت معاناة النازحين كثيراً، وتبقى التدفئة وتأمين المياه الساخنة في صدارة الأولويات. يشكر النازحون أهالي القرى والبلدات الذين استقبلوهم، لكنّ المعاناة لا تنتهي هنا، فتأمين الأدوية يعدّ معاناة كبيرة. فالسيّدة (س. ناصر الدين) من الهرمل تشير إلى أنها بحاجة إلى أدوية السكري والضغط بشكل دائم، وهو لا يتوفّر دائماً في المراكز الصحية التي اعتمدتها الوزارة، كما أنها لا تملك ثمن هذه الأدوية.
“نداء الوطن” عاينت أوضاع النازحين في بلدات القبيات وشدرا وفنيدق ومشمش، واتضح بأن تأمين مادة المازوت للتدفئة والكهرباء والمياه الساخنة هي أبرز المشاكل حاليّاً. هذا لا يعني أن ليس هناك مشاكل أخرى، لكنها لا تتقدّم على مشاكل التدفئة، مع بداية فصل الشتاء.
لا تجد لجان إدارة الأزمة حلّاً لهذه المعضلة، لأنّ الدولة عاجزة وهذه مشكلة تفوق قدرة اللجان والجمعيات المحلية. تابعت “نداء الوطن” الموضوع مع لجنة إدارة الكوارث في محافظة عكار وعلمت بوجود مساعٍ لزيادة الأغطية الشتوية (الحرامات) وكمية المازوت لمراكز الإيواء في المناطق العالية، كما ويتم إرسال قوائم إلى الوزارات المعنية بهذه الاحتياجات.
وبحسب اللجنة فإنها تدرك تماماً أن المازوت والكهرباء من الأمور الأساسية والأكثر إلحاحاً “نقوم بجهد لتأمينها بأقرب فرصة، ورغم التحديات فإن أوضاع النازحين في عكار تبقى مستقرّة قياساً بمناطق أخرى، ولن نترك مراكز الإيواء من دون كهرباء وتدفئة”.
المغتربون
يبدو أنّ المغتربين أشاحوا بوجوههم عن هذه الأزمة، فحتى أقرباء النازحين لا يبدون أي اهتمام بهذه القضية. في هذا السياق تتمنّى لجان إدارة الأزمة في البلدات من المغتربين مدّ يد العون إلى النازحين، لا سيّما وأنّ أوضاع أهل هذه القرى لا تقلّ صعوبة عن أوضاع النازحين.