IMLebanon

في دار مسعد بولس: سيعود “دبلوماسياً” بصلواتكم

كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:

وفجأة أصبح اسم مسعد بولس، وهو ابن “كفرعقّا” في قضاء الكورة، على كلّ شفة ولسان. من أحبّ دونالد ترامب ومن كرهوه. انتصر ترامب، وأصبح الرئيس السابع والأربعين في الولايات المتحدة الأميركية، وانتصرت “كفرعقا” من خلال ابنها الذي سمعنا عنه الكثير. لكن هل سمعنا كلّ شيء؟ سبع ساعات توقيتاً تفصلنا عن ولاية ميشيغن الأميركية التي تحققت فيها، على يد ابن “كفرعقا”، “عجيبة” في سجل الجمهوريين. لكن، ماذا عن “العجيبة” التالية التي ينتظرها اللبنانيون؟ هل تتحقق على يد الدكتور مسعد؟ “نداء الوطن” قصدت “كفرعقا”، واتصلت بمعاوني بولس في ميشيغن، بحثاً عن أجوبة؟

تبعد “كفرعقا” عن الأوتوستراد الشمالي 11 كيلومتراً. نعبر أميون فنصل الى مفرق، على الشمال، تشمخ في أوّله كفرعقا تتبعها بصرما ثم خان بزيزا ثم بحبوش… عند أوّل البلدة يقع منزل مسعد بولس الذي “لُبّس” حديثا بحجر الـ “إيكلاتيه” الرمادي، تسكن في طبقته الأولى والدته الست ماري تريز وفي الطبقة العلوية يسكن شقيقه فيليب وعائلته. ثمة بيوت تتحلق لأبناء العائلة وغالبيتهم هاجروا من زمان إلى نيجيريا وأميركا. بيت بولس سهّل سفر الكثيرين من أبناء البلدة للعمل. في حين أن جار بيت بولس من آل هزيم، وتحديداً هزيم هزيم، سهّل انتقال شباب العائلة إلى الكاميرون. هكذا هم شبابنا يهاجرون – من زمان وزمان – بحثاً عن عمل وبقاء وبحبوحة.

البلدية قريبة من بيت مسعد وتتصدرها عبارة: قصر فارس مسعد البلدي. وتضمّ مكتبة عامة تقدمة من الدكتور مسعد فارس بولس. والد مسعد هو فارس الذي شغل منصب رئيس البلدية بين 1998 و2010، إلى حين وفاته بالتحديد. رئيس البلدية الحالي الياس ساسين في بيروت لكن كل من فيها بدا يبتسم. إبن فارس مسعد رفع اسم البلدة عالياً. وهناك، في البلدية، يتحدثون ويسهبون عن أفعال الوالد فارس الحميدة في البلدة ويترحمون عليه ويتأملون في ولده البكر مسعد. تضم البلدية 15 عضواً بينهم فيليب شقيق مسعد الذي يعمل في نيجيريا. في “كفرعقا” زيتون كثير. أجود أنواع الزيتون في العالم زيتون “كفرعقا” وتضم البلدة مدارس كثيرة وجامعة AUCE ومهنية وكاتدرائية القيامة التي تشمخ على تلة. وفيها دير مار نهرا وكنائس وأديرة أثرية كثيرة بينها: دير مار لوقا ومار جرجس ومار يوحنا… يتحدث “الكفرعقاويون” عن بلدتهم بكثير كثير من الفخر.

مسعد بولس الحرّ

نستدير نحو منزل مسعد بولس. هو الولد البكر سبقته فتاة هي فيفيان وتلاهما فيليب وميشال. أكبر عائلة في البلدة هي آل مطر أما عائلة بولس فمن العيَل الراقية التي أعطت نائباً، فيليب بولس، عم مسعد. أما والد مسعد فيليب فترشح مرتين ولم يربح. حدث هذا أيام الإحتلال السوري. مسعد فارس بولس ترشح أيضا وعاد وانسحب. في لائحة التيار الوطني الحرّ؟ يجيب عارفون منتفضين: لا، لا، ترشح وحده منفرداً. هو مقربٌ من آل فرنجية؟ “هو لبناني أصيل أولاً وآخراً”. يحسم معارفه.

والدة الدكتور مسعد، الذي صاهر ولده الثاني مايكل دونالد ترامب، تنغل بدينامية كبيرة في أرجاء البيت. لا تريد الكلام. ولدها نصحها بذلك “قللي يا ماما الكلام في هذه المرحلة فكلّ حرف قد يُحسب خطأ”. هي التزمت بتعليمات ولدها الكبير لكنها تصرّ على الزائرين، ونحن منهم، أن نشرب معاً القهوة. ندخل إلى البيت الذي هندسه مسعد بولس بحبّ. صور والده وجده فارس وجد جده فارس والجدّ الأكبر مسعد تتصدر في باحات البيت. العائلة تعني للدكتور الكثير. الضيافة حاضرة. بقلاوة من قصر الحلو الحلاب والشوكولا والسكاكر والقهوة المرّة حاضرة. على قاعدة “فنجان القهوة مستودع أسرار” شربناها بنهم علّنا نكتشف أكثر أسرار البيت الجميل.

المهنئون ما زالوا يتقاطرون. الصور كثيرة. وصورة العائلة مجتمعة في عرس مايكل مسعد بولس وتيفاني دونالد ترامب تتصدر الدار. مضى نحو خمسة أعوام على آخر زيارة لمسعد إلى لبنان. حصلت أمور كثيرة في لبنان في آخر خمسة أعوام منعت مسعد وعائلته من المجيء. نتناول البقلاوة ونتابع الإصغاء. والدة مسعد ماري تريز من بيت شباب وزوجته سارة من بيت شباب أيضاً. مارونيتان إحّ. هو تزوج بعمر 17 عاماً. ووالد سارة هو رجل الأعمال زهير فضول. كوتونو كلها له. وهو طلب مسعد لابنته بعدما أحبا بعضهما كثيراً.

قيامة لبنان

نسأل المهنئين عن سبب فرحتهم الكبيرة الظاهرة فيجيبون “نريد قيامة لبنان”. مكتبة عملاقة في صدر الدار. يهنئ القادمون الوالدة الفرحة فتجيبهم “من صلواتكم”. تفضّل الوالدة- تكراراً- عدم الكلام. نسأل عن موعد قدوم مسعد بولس إلى لبنان فتجيب “سيدخلون إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني وهو لن يأتي قبل ذلك. لمسعد ثلاثة أولاد: فارس، مايكل، أوريان وصوفي. كانوا يأتون كل عيد ميلاد إلى لبنان. هل سيسمي مايكل ولده البكر مسعد؟ “ولدا ترامب سميا دونالد ومسعد تمنى على ولده وعلى تيفاني- تسلملنا- أن لا يسميا مسعد لأن الإسم قديم”.

لن يأتي مسعد فارس إلا بشكل دبلوماسي. كل من التقيناهم في كفرعقا جزموا بذلك. هو يستأهل الكثير “رايق وفهمان وبيستاهل”. الدنيا كلها تتحدث الآن عن “مستر مسعد” اللبناني الذي بدّل في الانتخابات الأميركية تبديلاً. ويتحدثون في البيت عن نكتة انتشرت: حمل ترامب طفلاً وسأله: ماذا تريد أن تكون عاصمة لبنان يا جدو؟ أجابه الطفل: كفرعقا.

ماذا عن معارف مسعد بولس في ميشيغن؟

واصل يوسف، وهو سوري مسيحي وأحد قياديي حملة دونالد ترامب إلى جانب مسعد بولس، يقول “تعرفت إليه بالصدفة وأصبحت أحد أكثر المقربين منه. إتصلت به قبل قليل (البارحة) وقلت له إنني سأتحدث مع “نداء الوطن”. أجابني: قلّ ما تريد. لي ملء الثقة بك. الدكتور مسعد متواضع، محبّ، مسيحي وخلوق وطيّب جداً. انخرطتُ معه في الحملة الانتخابية الأميركية. جلسنا مع العرب. أكلنا بيدنا في أحيان كثيرة. وشربنا الشاي. ولده مايكل مثله خلوق ومتواضع وقليل المزاح وتربيته شرقية وخجول قليلاً. الدكتور مسعد بحقّ أصبح أيقونة العرب في أميركا. التحديات التي واجهناها كانت كثيرة. المجتمع الشرقي عاطفي في حين أن اللوبيات اليهودية قوية جداً. والتحدي الأول لنا كان مواجهة اللوبيات اليهودية. الله أعطى الدكتور بولس القوة والصبر والإقدام من دون وجود لوبي عربي. حبّه للعائلة كان عاملاً إيجابياً وأصبح كأخ أصغر لترامب. يروحان ويجيئان معاً. وترافقا في كلّ المرحلة. ويستطرد واصل يوسف بالقول: “يوم التقيت ترامب وسلمتُ عليه باليد قال لي “easy easy on my hand”. هو ودود. لم يكن هكذا عام 2016. تغيّر كثيراً. الوقت غيّره. أصبح يمازح أكثر”.

مسبحة في يده

انتهت الإنتخابات. ماذا بعد؟ يجيب واصل “الحالة الطائفية والمناطقية الموجودة في لبنان موجودة في ميشيغن أيضاً، والاختلافات في لبنان مثلها نفس الإسقاطات هنا (في ميشيغن). وما يمكنني الجزم به هو ان لبنان موجود وبقوّة في قلب الدكتور مسعد وأحاديثه والرئيس ترامب تشي بذلك جداً”.

وصول ترامب هل سيُغيّر من طبيعة ما يشهده لبنان والمنطقة من حرب ودمار؟ يجيب واصل “يوم اجتمع ترامب مع الجالية اللبنانية في ميشيغن أصبح كل طرف يطالبه بما يريد. صمت طويلاً ثم قال لهم “اجتمعوا على رأي، على هدف، وأخبروني”. ويتابع “ما يمكنني قوله الآن أنه أصبح للبنان صوت في أميركا وهذا، في ذاته، ربح كبير”.

قبل أن نختم يُخبرنا واصل يوسف أنه يوم انطلقت حملة الانتخابات الرئاسيّة في اميركا ، أخرج من جيبه مسبحة أعطاه إياها رفيقه بشير خوري في لبنان وقدمها إلى مسعد بولس. هي دائماً في جيبه.