Site icon IMLebanon

حِمَم الحرب لا تبدّل من التزام السلطات اللبنانية بثوابت السيادة

كتب ناجي شربل وأحمد عزالدين في “الأنباء”:

هل دخلت البلاد في أزمة جديدة جراء ربط الغرب اتفاق وقف إطلاق النار للحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان، بانتخاب مسبق لرئيس الجمهورية؟

كلام جاهر به وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، في مطار بيروت، مؤكدا رفض بلاده هذا الطرح، من بوابة ان الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني، ولا يخضع للإملاءات الخارجية. وكرر عبد العاطي كلامه بتصريحين إضافيين من مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة، ومنزل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الواجهة البحرية لبيروت.

ولعل الخلاف حول انتخاب الرئيس قبل وقف إطلاق النار أو بعده، يصل إلى هوية الرئيس، وإمكان حدوث تغيير في المرشح الفائز بكرسي الرئاسة، في حال إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وقف إطلاق النار أم بعده.

ولعل الثابت أكثر أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان لن يبصر النور قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سلطاته الدستورية في 20 كانون الثاني 2025، مع ما يعني ذلك من استمرار الحرب الإسرائيلية الموسعة منذ 23 أيلول الماضي، وشمولها مرافق ومناطق لبنانية إضافية. في حين بدأ حزب الله توسيع ضرباته باستهداف تل أبيب، مع فارق ابتعاده عن الأهداف المدنية.

ولم يشأ مسؤول فاعل في الحزب رفض الكشف عن اسمه، الإجابة عن سؤال لـ«الأنباء» حول الانتقال في مرحلة لاحقة إلى خطوات مماثلة لما تقوم به إسرائيل من استهداف لمدنيين لبنانيين.

باختصار، عين لبنان على واشنطن التي تشهد زحمه اتصالات قد تترجم بعودة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى المنطقة، مع احتمال كبير ان يزور بيروت لعرض الصيغة الأخيرة لمشروع الاتفاق حول آلية تنفيذ القرار 1701. وقد نقل عنه إمكانية التوصل إلى اتفاق خلال أيام، ما لم تبرز عراقيل جديدة.

وقال مصدر نيابي بارز لـ«الأنباء»، «التصعيد الذي عاشه لبنان في الأيام الأخيرة يعود إلى سببين: الاول هو الذكرى الأربعون لاغتيال هاشم صفي الدين الذي كان المرشح لخلافة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي اغتيل قبله بأسبوع. أما السبب الثاني فهو إشارة إلى ان التصعيد يأتي في إطار الضغط الميداني مع وصول المفاوضات إلى مرحلة حاسمة».

وأضاف المصدر، «كلمة السر أصبحت عند وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المتوقع ان يحمل صيغة الاتفاق الذي تفاهم عليه مع المسؤولين الأميركيين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. واذا كان الموقف إيجابيا، فسيتم إعطاء الضوء الأخضر للموفد الأميركي للتحرك إلى المنطقة لعرض الصيغة الجديدة على الجانب اللبناني”.

وتابع المصدر، «يعبر لبنان يوميا عن موقفه الثابت الالتزام بالقرار 1701 بكل مندرجاته لا زيادة ولا نقصان. واذا كان هناك من خطوات مطلوبة لا تمس بالسيادة اللبنانية فإنها تكون خاضعة للنقاش بحسب المسؤولين اللبنانيين، عدا ما تطلبه إسرائيل من دور لها في الرقابة».

ورأى المصدر «ان هذا الأمر يمكن ان يكون مقبولا من جهات ضامنة للالتزام بتطبيق الاتفاق من الجانبين، وليس من الجانب اللبناني حصرا كما تعلن اسرائيل، إضافة إلى البحث في منع تهريب السلاح إلى حزب الله». وقال: «هذا أمر لا يمكن تحقيقه ما لم يكن هناك تعاون من قبل سورية لأن الجيش اللبناني مهما نشر من عديد، لن يستطيع ضبط الحدود في ظل عشرات المعابر غير الشرعية. ومن هنا التركيز على دور روسي في هذا المجال».

توازيا، ذكرت مصادر مطلعة «انه في حين ان المقربين من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أظهروا مرونة لجهة انجاح مهمة هوكشتاين خلال فترة زمنية غير طويلة، فإن التصعيد الإسرائيلي بدا واضحا عبر التصريحات العالية النبرة لوزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي يكرر في كل مناسبة الاستمرار في الحرب حتى تحقيق الاهداف التي من أجلها بدأت العملية البرية غير ان الجيش الإسرائيلي الذي تحرك نحو المرحلة الثانية من الحرب البرية، تلقى صفعة كبيرة في كمين قرب مدينة بنت جبيل الاستراتيجية في المنطقة الحدودية، الأمر الذي قد يدفعه إلى إعادة النظر في حساباته لجهة الاستمرار في تصعيد الغارات التي اصبحت يومية نهارا وليلا على الضاحية الجنوبية بعدما كانت سابقا متقطعة وفي فترة المساء فقط. كما رفع الجيش الإسرائيلي من حجم الغارات التدميرية والتي تستهدف في غالبيتها أكثر من مبنى وتحوله إلى ركام، إضافة إلى توسع رقعة المجازر في مناطق الجنوب والبقاع، لتشمل بلدات خارج المناطق الجغرافية المحسوبة على بيئة حزب الله».

في المحصلة، الحرب مستمرة والى اتساع إضافي كما يظهر من تطورات الميدان على الأرض. والضغط الإسرائيلي على بيئة المقاومة يرتفع باستهداف أمكنة لجأ اليهم قسم كبير من النازحين، بذريعة النيل من مسؤولين في الحزب. وأدى ذلك إلى موجة نزوح جديدة من أماكن تشهد اكتظاظا للنازحين، مثل القرى الشيعية في بلاد جبيل. وقد آثر البعض بعد الغارة الإسرائيلية على بلدة علمات الأحد الماضي المغادرة. وتوجهت عائلات إلى مناطق في الجبل، فيما عدا قسما منها إلى الضاجية الجنوبية، مؤثرا انتظار التحذير الإسرائيلي عبر الناطق العربي في الجيش أفيخاي أدرعي، ثم التوجه بالسيارة إلى مكان في العاصمة بيروت، والعودة تاليا إلى الضاحية.

وفي سياق متصل، قام عدد من النازحين بنقل ما تيسر له من أثاث منزلي إلى مقر سكنه الجديد. البعض استقدم مفروشات إضافية إلى منازل عائدة له في مناطق أخرى، كقرى بلاد جبيل أو بلدات في الجبل وخصوصا في بحمدون ومحيطها، حيث يتملك قسم لا بأس من أبناء الطائفة الشيعية منازل ووحدات سكنية. كما عمد البعض إلى تأمين وسائل التدفئة للشتاء في البيوت غير المجهزة، بالاعتماد على أجهزة الصوبيا التي تعمل على الغاز أو المازوت، تحسبا لعدم توافر التيار الكهربائي، سواء من خدمة الدولة أو عبر المولدات الخاصة غير المنتشرة أساسا في المناطق الجبلية، التي تخلو من سكانها عادة في فصل الشتاء، الأمر الذي يعتبر غير مربح لقطاع المولدات.