IMLebanon

ضغط يواكب المقترحات الدبلوماسية لفرض آلية تطبيق الـ1701

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

وحدها لغة الحرب تسود بين إسرائيل و«حزب الله» مع الانتقال إلى مرحلة ثانية من المناورة البرية قد تصل لغاية حدود مجرى نهر الليطاني مترافقة مع تكثيف الغارات على الضاحية الجنوبية وكامل الجنوب وبعلبك. وليس واضحاً كيف ستنتهي المرحلة الثانية من العملية العسكرية ولا أهدافها ومفاجآتها ولاسيما أن «حزب الله» يرد على الاستهدافات الإسرائيلية بقصف صاروخي يصل إلى حدود تل أبيب وحيفا.

وفي مقابل الضغط العسكري الإسرائيلي، يستمر «حزب الله» بالتركيز على المواجهات البرية من جهة وعلى تكثيف إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي من جهة أخرى لتحقيق نوع من التوازن والردع العسكري بموازاة المفاوضات الجارية ولعدم الرضوخ للشروط الإسرائيلية حول وقف إطلاق النار. وما زال «الحزب» يراهن كما قال أمينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم على «إيلام العدو» الذي هو مَن سيوقف الحرب. ويواكب «الحزب» إعلان إسرائيل عن المرحلة الثانية من المناورة البرية بخطاب يتوعّد فيه «بحوادث صعبة في الشمال» كما يسميها الإعلام العِبري. وللتعبير عن صموده وقدرته على المواجهة يستند «الحزب» إلى مداخلات لمحللين إسرائيليين يعربون عن رأيهم بأن «مَن يعتقد أن الجيش الإسرائيلي سيدخل إلى خط القرى الثاني في جنوب لبنان ولن يدفع الثمن فهو مخطئ، إضافة إلى أن عنوان تجريد حزب الله من سلاحه يحتاج إلى القتال لسنوات للوصول إلى الصاروخ الأخير».

وانطلاقاً من هذه المعطيات، لن يرفع «حزب الله» ولا «الأخ الأكبر» الرئيس نبيه بري الراية البيضاء بعدما دفعت القرى الجنوبية والضاحية وبعلبك وقيادة «الحزب» أثماناً باهظة. وهذا ما يتجلّى في عدم الاستجابة لأي مشروع اتفاق مع إسرائيل إذا كان يتضمن نصاً غير مقبول لبنانياً وتحديداً موضوع لجنة الإشراف على تنفيذ القرار 1701. فقد ورد في المقترح الأمريكي الذي سلّمته السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، آلية جديدة للإشراف على ضمان تنفيذ القرار 1701 من خلال تشكيل لجنة دولية تضم ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وربما الأردن عن الدول العربية.

وقد تحفظ الثنائي الشيعي على هذه اللجنة التي سيكون دورها حاسماً في تنفيذ القرار 1701 فعلياً كما حصل بعد حرب تموز 2006 حيث لو طُبّق القرار بشكل جدي لوجُب أن تكون حرب تموز آخر الحروب، ولكن لم يتم الالتزام بعدم وجود سلاح لحزب الله جنوب نهر الليطاني ولم يتم الالتزام بعدم استقدام أسلحة لغير الدولة اللبنانية ما أبقى الجنوب ومعه لبنان ساحة حروب مفتوحة.

وإذا كان الرئيس بري نفى تضمن مسودة الاتفاق أي نوع من حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان، فإن هذه المهمة ستكون موكلة للجيش اللبناني ولقوات «اليونفيل» لجهة تفكيك البنية التحتية للحزب ومراقبة المعابر البرية والبحرية والجوية تحت طائلة عودة إسرائيل للتدخل بنفسها.

واللافت أن المساعي الأميركية لإيجاد تسوية من قبل إدارة الرئيس جو بايدن لم تتوقف بعد انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي كما تردد يشجّع على التوصل إلى اتفاق وعلى إنهاء الحرب قبل تسلّمه مسؤولياته الدستورية في 20 كانون الثاني/يناير المقبل. لذلك يستعجل رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو الاستحصال بالضغط العسكري أو الدبلوماسي على تحقيق هدفه المعلَن وهو عودة المستوطنين بأمان إلى الشمال مع العلم أن البعض يعتقد أن تل أبيب لن توقف النار قبل التيقّن من إنهاء الكيان المسلّح للحزب وتحديداً جنوب نهر الليطاني، لأنها مهما اغتالت ودمّرت سيبقى «حزب الله» يتحدث عن انتصار طالما لم تُعِد إسرائيل المستوطنين إلى منازلهم في الشمال.

لذلك، يسعى كل من نتنياهو و«حزب الله» إلى تحسين أوراقه في الميدان قبل التوصل إلى أي وقف لإطلاق النار وأي اتفاق.

ولكن إذا توقفت الحرب وبقي سلاح «حزب الله» على ما هو عليه شمال نهر الليطاني ستبرز إشكالية كبيرة في الداخل اللبناني حول مفهوم الانتصار والهزيمة وحول مستقبل السلاح. فأفرقاء المعارضة يقولون إن سلاح «الحزب» لم يتمكن من حماية لبنان ولا حتى من حماية أمينه العام وقياداته، وهم يرفعون الصوت ويعتبرون أنه مهما كانت نتيجة الميدان لم يعد مقبولاً بالنسبة إليهم وجود سلاح موازي وغير شرعي خارج إطار الدولة والمؤسسات. ويشدد أفرقاء المعارضة على رفض أن يبقى لبنان ساحة من ساحات الصراع لصالح إيران، ودولة ناقصة السيادة وخاصرة رخوة في العالم العربي.

أما «حزب الله» ففي تقييمه أن مقياس الهزيمة هو صفر مهما ارتفعت فاتورة الحرب، ولن يقبل التخلي عن سلاحه وهذا أمر سيفتح الباب أمام انقسام سياسي في البلد وأمام فتنة ستكون تداعياتها أخطر من الحرب الإسرائيلية وبدأت ملامحها من خلال تهديد البعض للبنانيين المعارضين لخيارات الحزب.