Site icon IMLebanon

هل يقف العالم على أبواب حرب عالمية ثالثة؟

كتبت يولا هاشم في المركزية:

أظهرت وثيقة نشرت على الموقع الإلكتروني للحكومة الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين وافق اليوم على تحديث للعقيدة النووية. ويسمح المرسوم لموسكو باستخدام أسلحة نووية ضد دولة لا تملك هذا النوع من السلاح إذا كانت مدعومة من قوى نووية. وأفاد المرسوم بأن “من الشروط التي تبرر استخدام أسلحة نووية، إطلاق صواريخ بالستية ضد روسيا”.

وتزامنت هذه الخطوة مع مرور ألف يوم على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعدما أعطت الولايات المتحدة موافقة لكييف لاستخدام صواريخ طويلة المدى لضرب أهداف عسكرية داخل روسيا.

وكان الرئيس الروسي حذر في نهاية أيلول، من أن أي هجوم تنفذه دولة غير نووية، مثل أوكرانيا، لكن مدعومة من قوة تمتلك أسلحة نووية مثل الولايات المتحدة، يمكن أن يعتبر “عدوانا مشتركا”، ما قد يستدعي استخدام أسلحة نووية. فما تداعيات هذه الخطوة؟

العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ”المركزية” ان “هذا التطور خطير وممكن أن يؤدي الى حرب عالمية ثالثة، خاصة وان أي سلاح نوعي يُعطى لأوكرانيا من قبل إحدى دول “الناتو” كان يقابله الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف ومستشار الأمن القومي الحالي بالقول بأن “لا يوجد ما يمنع من استخدام النووي إذا ما اضطررنا الى ذلك”. كما ان فرنسا انفردت العام الماضي، حيث ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أعلن عن عقيدة نووية جديدة. وفي حين ان الصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية تقول بأن “السلاح النووي دفاعي، ولا تستعمله إلا عندما نُضرب بالنووي”، تفيد العقيدة الفرنسية المتطورة  بأن “عندما يتهدد أمن البلاد فإن كل الأسلحة واردة بما فيها النووي”. وهذا هو التغيير الذي من الممكن ان تعتمده موسكو، بمعنى أن “إذا ما تهدد أمن البلاد، فلا مانع من استخدام الأسلحة بما فيها النووي”

ويضيف ملاعب: “بالعودة الى معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) في امستردام، الذي ينشر كل عام لائحة بالموازنات الدفاعية للدول، نجد ان موازنة الولايات المتحدة تبلغ 916 مليار دولار بعد ان كانت العام الماضي 844 مليار. بعدها تأتي في المرتبة الثانية الصين بـ296 مليار، والدول المتبقية دون المئة مليار.

وبلغت الموازنة الدفاعية لروسيا 91 مليار دولار في العام 2023، بينما اوكرانيا رفعت موازنتها الى 35 مليارا، يضاف إليها 36 مليار دولار مساعدات عسكرية، اي أصبحت توازي 90 في المئة من موازنة روسيا، وهذا يجب الانتباه اليه”.

ويشير ملاعب الى “ان الرئيس الجديد للولايات المتحدة الاميركية دونالد ترامب قال في تصريحات سابقة، “لو كنت في السلطة لكنا تلافينا أحداث اوكرانيا”، وما يزال يردد بأن “التسوية مع اوكرانيا واردة وسأعمل عليها”، لكن المفاجئ ان اوروبا على ما يبدو بدأت تخطو خطوات من خارج قيادة “الناتو” الاميركية، أي من خارج التوجه الجديد للإدارة الاميركية. والملفت، ان يبادر الرئيس الالماني بالاتصال بالرئيس بوتين لمدة ساعة وبناء لطلبه. فقد رأينا ان المانيا رفعت موازنتها الدفاعية من 60 الى 100 مليار دولار العام الماضي، وتعطي أسلحة لاوكرانيا بشكل كثيف وزودتها بعدد من دبابات الـ”ليوبارد” وتدرّب الاوكران على أرضها، كما أنها منخرطة في الحرب لصالح اوكرانيا ضد روسيا. لكن يبدو ان مجمع صناعات الاسلحة في الولايات المتحدة الذي يُنتج كمّا هائل من الاسلحة، حيث ان 39 في المئة من مبيعات الأسلحة لدول العالم أميركية الصنع. لذلك، ان يأتي احد ما، ويوقف  الحروب ومبيعات الاسلحة، امر صعب. صحيح ان ترامب نجح ليس بقوة الحكومة العميقة، بل مخالفة للحكومة العميقة المبنية على مجمع الصناعات العسكرية. لذلك نحن امام وضع جديد، واوروبا بدأت تدرس ان يكون لديها رؤية نووية بعيدة عن “الناتو”. هل يعلم الاميركيون ان هذا القرار الذي اتخذه بايدن بأن يعطي اوكرانيا صواريخ بعيدة المدى تصل إلى 300 كلم وكذلك بريطانيا التي قدّمت لها صواريخ “ستورم شادو” إضافة الى اسلحة من فرنسا، إنما من دون المانيا التي لم توافق على تسليم الصواريخ طويلة المدى التي تطلبها كييف، لكنها في المقابل وعدت بتسليمها 4000 مسيّرة متطورة، يعني ان هناك تعويما لوضع اوكرانيا قبل استلام ترامب السلطة”.

ويختم ملاعب: “هذا الوضع يقتضي مجابهته روسياً. اي إذا استطاع الاوكران ان يقوموا بخرق لمسافة معينة في الاراضي الروسية من دون ان يكون لديها الحق او الاسلحة باستهداف الداخل الروسي، فهذا يعني ان هناك مشكلة كبيرة في روسيا التي قد تضطر الى استخدام أسلحة رادعة أقوى من تلك التي تستخدمها حالياً، وهي بدأت باستهداف مراكز الطاقة والمياه والبنية التحتية بشكل كثيف في الاسبوعين الماضيين، لكن يقتضي الامر ان تكون هناك عقيدة نووية موازية لما ستفعله اوروبا.

اذا سارت اوروبا كما يريد الفرنسيون الذين غيروا عقيدتهم العام الماضي، كما ان البريطانيين لا يؤمن لهم وسيغيرون أيضاً، وهما الدولتان اللتان تمتلكان النووي في اوروبا، عندها اعتقد ان روسيا – لا أعطيها مبرراً – لكن تداركاً لما يُعدّ لها من أسلحة بعيدة المدى، ممكن ان تغيّر عقيدتها”.