IMLebanon

“الحزب” سياسيٌ طوعًا أو بالقوة بقرارٍ دولي

كتبت لارا يزبك في “نداء الوطن”:

“الاستراتيجية الدفاعية” عبارة تتكرر منذ العام 2006، قصة لم تكن تعرف أن تنتهي، والأصح أنه لم يُرد لها يوماً أن تنتهي، وأن تنتقل من النظري إلى العملي. منذ عقدين تقريباً، وسلاحُ “حزب الله” جوهر الخلاف بين اللبنانيين. التباينات بينهم لا تعد ولا تحصى، لكن السلاح يُعتبر النقطة الخلافية الأبرز، وقد أثبتت تطورات السنوات الماضية، مِن “حرب تموز” 2006 إلى “7 أيار 2008 ” فالانخراط في حروب المنطقة، مروراً بالاغتيالات السياسية وأحداث الطيونة، وصولاً إلى حرب الإسناد، أثبتت كم أن هذا السلاح قادرٌ على التأثير أمنيّاً وسياسيّاً وأيضاً “هويتياً”، حيث عزَل لبنانَ عن محيطه الحيوي العربي وألبَسه وجهاً فارسيّاً لا يشبهه.

محاولات عقيمة لبحث الاستراتيجية

طُرح السلاح مادة نقاش على طاولات الحوار للتخفيف من الضغط عن “الحزب” وإراحته من الأصوات التي تطالب بحصره بيد الشرعية اللبنانية، تطبيقاً ليس للقرارات الدولية فقط، بل لدستور الطائف.

عام 2006، كان يُفترض بطاولة الحوار الوطني التي عقدها رئيس مجلس النواب نبيه بري في البرلمان أن تناقش “الاستراتيجية” فيتم البحث في مصير “السلاح” خاصة بعد الخروج السوري من لبنان الذي اعتبره آنذاك السياديون فرصة لتنفيذٍ فعلي لـ”الطائف”. غير أن “الحزب” غافل المتحاورين وقلبَ “الطاولة” على الجميع وفتح حرباً في “تموز 2006”.

بعدها، حاول رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان طرح الملف على طاولة حوار أقرّت “إعلان بعبدا” الذي دعا إلى اعتماد لبنان سياسةَ النأي بالنفس، والمقصود هنا بـ”لبنان”، “حزبُ الله” في شكلٍ أساس، بما أنه لم يُخف يوماً هويته الإيرانية، فوقّع عليه “الحزب”وتوجّه إلى القتال في سوريا دفاعاً عن نظام بشار الأسد، قائلاً للبنانيين عن إعلان بعبدا “بلّوه واشربوا ميّته”.

في عهد الرئيس ميشال عون، وعَد الأخير أيضاً، ببحث “الاستراتيجية”. غير أن “حزب الله” لم يَجد نفسه مضطرّاً لمجاراته بهذا المطلب، لأنه أوصله بوهج هذا السلاح إلى بعبدا، بعد تعطيلِ الاستحقاق لعامين كُرمى له. كما أن عون المَدين للحزب، كان يعرف جيّداً أن “الديل” هو “تغطية السلاح مقابل انتخابك رئيسا”، فرآه “كافياً ووافياً وأكثر مما منستاهل”!

أفكار كثيرة ولكن

أفكارٌ كثيرة طُرحت لاستيعاب السلاح ووضعه تحت إمرة الدولة والجيش، ومنها تسليمه طوعاً من قِبل الحزب وانضمام عناصره إلى المؤسسة العسكرية أو تشكيل ألوية خاصة في الجيش تضمّ عناصر “الحزب”، على شكل النموذج العراقي. غير أنّ أيّاً منها لم يصل حتى إلى مرحلة البحث الجدي، لأنه يريد إبقاء سلاحه بيده، ليتصرف به عند الضرورة خدمة لمصالحه الداخلية أو لمصالح إيران، ولطالما رددت كوادره عبارة “اليد التي ستمتد إليه ستقطع”.

سحب الفكرة من التداول

وصلت الأمور اليوم إلى “خط النهاية”. تقول مصادر غربية لـ “نداء الوطن”، إنّ “هذا الملف كان ولا يزال، أكبر من قدرة لبنان على معالجته والتي ستكون خارجية دولية، إذ ثمة إجماعٌ على ضرورة تحولِه إلى حزب سياسي فقط. ووفق المصادر، الجناح العسكري للحزب سينتهي، سواء بالدبلوماسية عبر قبوله طوعاً بتنفيذ “الطائف” والقرارات الدولية، أو “عسكريّاً” على يد الجيش الإسرائيلي. فالتسوية الكبرى التي يريد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الوصول إليها لإحلال السلام في الشرق الأوسط، تحتاج إلى إنهاء كل التنظيمات المسلحة غير الشرعية، وهو قرار يحظى بمباركة عربية خليجية.

وبعد انتهاء الحرب، يُفترض أن يلاقي السياديون الجهودَ الدولية بسحبهم فكرة “الاستراتيجية الدفاعية” مِن التداول، ومعها كل ما تفرّع عنها مِن ثلاثيات وسواها، ويُصار إلى الحديث فقط، عن تسليم كل ما له علاقة بالأمن، مِن السلاح إلى قرار الحرب والسلم، إلى الجيش اللبناني حصراً، وفق ثلاثية “الجيش والجيش والجيش”.