Site icon IMLebanon

ولّى زمن “الحزب” في مرفأ بيروت

An aerial view taken on August 7, 2020, shows a partial view of the port of Beirut and the crater caused by the colossal explosion three days earlier of a huge pile of ammonium nitrate that had languished for years in a port warehouse, left scores of people dead or injured and caused devastation in the Lebanese capital. The city of Beirut can be seen in the background. (Photo by - / AFP)

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

تكثر الأحاديث في هذه الأيام عن وضعية مرفأ بيروت بعد اشتداد الحملة الإسرائيلية وتصاعد حدّة الضربات. وتأتي هذه الأحاديث فيما تحاول السلطة السياسية إبعاد المطار عن دائرة الاستهداف. وما ينطبق على المطار، يسري على مرفأ بيروت الذي يعتبر الرئة الحيوية للبنان، ويشكّل إغلاقه كارثة على البلد.

وتدور مقارنة بين تعامل الوفد المرافق لرئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني عندما أراد الضابط اللبناني تفتيشهم واعتراضهم على هذا الأمر، وبين إقدام المبعوث الأميركي آموس هوكستين على وضع حقيبته على ماكينة السكانر، في دلالة على احترام سيادة الدولة.

عانى لبنان منذ أعوام عدّة من تفلّت حدوده البريّة، بينما كانت توضع علامات استفهام عن وضع البحر والجوّ. ومع خروج جيش الإحتلال السوري من لبنان في 26 نيسان 2005، تسلّم “حزب الله” زمام الأمور ، فكان أن أصبح النافذ الأكبر الذي استغلّ مرفأ بيروت.

ويحكى في أروقة المرفأ عن المرحلة السابقة حول دخول شاحنات و”جيبات مفيّمة” يومياً إلى حرم المرفأ من دون أن تخضع للتفتيش، لكن بعد اندلاع الحرب الأخيرة والتهديد بقصف المرفأ، غابت هذه المواكب عن هذا المرفق، فتغيّر الوضع في داخله وانقلب رأساً على عقب.

وتكشف مصادر أمنية متابعة لوضع المطار والمرفأ لـ “نداء الوطن” أن الإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في المطار هي نفسها التي يتخذها في المرفأ، وربما بقسوةٍ أشد. وتلفت إلى أنّ التعليمات واضحة وبلغ التشدّد ذروته، فلا دخول إلى المرفأ وخروج منه إلا لمن لديه عمل في المرفأ بصورة شرعية. وأصبح الجيش اللبناني وبقية الأجهزة الرسمية هي وحدها الموجودة في حرم المرفأ، ولم يعد هناك وجود لأي من الجماعات النافذة.

وتشدّد المصادر على “أنّ القرار الأمني والسياسي حازم في هذا الشأن”. وتضيف “لا أحد يتحمل تعريض المرفأ للأذى، فظروف البلاد مختلفة عن حرب تموز. وأي عمل يؤدّي إلى إغلاق المرفأ سيدخل البلد في كارثة خصوصاً بعد إغلاق المعابر الحدودية”. ولفتت إلى “أن المرفأ آمن حالياً، والحركة في داخله طبيعية، وتخضع البواخر التي تدخل إلى حرمه لتفتيش دقيق، ولا تهاون على الإطلاق في هذا الموضوع، لأن لبنان لا يحتمل أي نوع من الحصار البحري”.

ونتيجةً للمعطيات الأمنية والمراقبة الأجنبية، يمكن القول إن مرفأ بيروت عاد كلياً إلى حضن الدولة اللبنانية، ولا يمكن لأي قوّة التحرّك في داخله مثلما كانت تفعل سابقاً.

وفي طرابلس، اتُخذت الإجراءات نفسها في مرفأ المدينة الشمالية وبحسب المصادر الأمنية، فإن القرار متخذ هناك ببسط سلطة الدولة وحدها على المرافق العامة. لذا، يقوم مرفأ طرابلس بعمله الطبيعي. وتجدر الإشارة إلى أن مرفأ طرابلس بعيد نسبياً عن العاصمة، وتالياً عن نفوذ “حزب الله”، حتى انه في عزّ أيام سيطرة “الحزب”، لم يستعمل الأخير مرفأ طرابلس لعوامل عدّة أبرزها، عدم وجود بيئة حاضنة لـه في الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً.

لا بد من القول، إن الدولة اللبنانية لم تبادر من تلقاء نفسها إلى اتخاذ الإجراءات التي تستطيع من خلالها بسط سلطتها على المطار والمرفأ في بيروت، بل أتت هذه الاجراءات، بعدما وصلت رسائل تحذيرية إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أرسلها إليه عدد من السفراء الغربيين الذين يتابعون الوضع اللبناني، وتفيد هذه الرسائل بأنه إذا أراد لبنان إبقاء المرفأ والمطار آمنَين، فعليه بسط سلطة الدولة على هذين المرفقَين، وعدم السماح لإيران باستخدام المرافق الشرعية من أجل تمرير الأسلحة، وإلا فستقوم إسرائيل بتوجيه ضربات للمرفأ والمطار. ولا توجد أية قوة تردعها عن القيام بذلك.

يشار إلى أن انفجار مرفأ بيروت وقع في 4 آب 2020. وبالرغم من هذه الكارثة غير المسبوقة، لم تبادر الدولة إلى إحكام قبضتها عليه. حتى أن “حزب الله” منع القضاء من إجراء تحقيق في الانفجار، ودخل رئيس وحدة التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا إلى داخل العدلية مُهدداً القاضي طارق البيطار كي لا يصدر القرار الظني.

في الخلاضة، يدلّ ما يحصل من إجراءات في المطار والمرفأ على عودة الدولة إلى ممارسة مهماتها الطبيعية، والأهم في هذه الاجراءات، هي الدلالة على أن زمن الإستقواء واستعمال مرافق الدولة قد ولّى.