IMLebanon

إسرائيل تكشّر عن “أنيابها الاستيطانية”

كتب نايف عازار في “نداء الوطن”:

فجّر وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرّف بتسلئيل سموتريتش «قنبلة استيطانية» مدوّية في الآونة الأخيرة، بإعلانه أنه أصدر تعليمات للتحضير لبسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وبناء مزيد من المستوطنات فيها وتوسيعها، من دون أن يُبدي أي وجل في التعبير عن طموحه الجامح لتطبيق خطته العام المقبل، ممتطياً بذلك «صهوة جواد» الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب. فالوزير الإسرائيلي «المشهود له» بمواقفه الشديدة التطرّف، أمل في أن يدعم قاطن البيت الأبيض الجديد تحرّكه فور تسلّمه مقاليد السلطة.

سموتريتش الذي يرأس راهناً حزب «الصهيونية الدينية»، حاز مباركة حليفه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من «تحت الطاولة» وربّما من فوقها أيضاً، ليؤكد أن عام 2025 سيكون عام السيادة على الضفة. غير أن مواقف الوزير المتطرّف دفعت ببعض دول «القارة العجوز» إلى التلويح له «بعصا» العقوبات، فضلاً عن انتقادات أميركية متكرّرة وُجّهت إليه، في الظاهر على الأقلّ.

كذلك، شجبت مواقفه دول عربية عدّة، أبرزها الإمارات التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل قبل 4 سنوات، وهو موقف رافض للاستيطان يتلاقى مع موقف وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي ربط في أيلول الفائت توقيع بلاده اتفاقية سلام مع الدولة العبرية بحصول الفلسطينيين على دولتهم.

«أرض أكثر وعرب أقلّ»
خطوة وزير المال هذه ليست وليدة الصدفة أو وليدة لحظتها، فلإسرائيل تاريخ أسود «حافل» بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين والعرب وإقامة مستوطنات على أنقاضها. ويُروى، على سبيل الذكر لا الحصر، أن أرييل شارون الملقّب بـ «أبي الاستيطان»، ومبتدع مفهوم الاستيطان في غزة، وصاحب مقولة «أرض أكثر وعرب أقلّ»، اصطحب في إحدى الليالي الباردة من عام 1972، عندما كان لا يزال قائداً للمنطقة الجنوبية في الجيش، عدداً من جنوده إلى صحراء سيناء التي كانت واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأرغم السكان البدو على إخلاء المنطقة قبل بزوغ الفجر بحجة إقامة مناورات عسكرية.

وبالفعل، امتثل السكان لأوامر شارون وفرّوا إلى عمق سيناء تاركين أرضهم التي سرعان ما تحوّلت إلى منطقة عسكرية، قبل أن تُزرع حولها المستوطنات. وبحسب العقل الإسرائيلي، فإن المستوطنات السكانية هي حاجة حيوية ملحّة لتأمين منطقة حاضنة تحمي المواقع العسكرية، وهذه نظرية قديمة متّبعة في إسرائيل منذ عام 1967.

سموتريتش تلميذ شارون؟
بالعودة إلى سموتريتش الذي يبدو أنه متأثر بمدرسة شارون، فهو سيدفع كما فعل أسلافه في اتجاه قضم أراضي الفلسطينيين في الضفة. فتاريخيّاً، تعاملت إسرائيل مع أي رقعة جغرافية غير مسكونة وغير مزروعة في الأراضي الفلسطينية، على أنها ليست ملكية خاصة بل «أرضاً سائبة». وبالتالي، تعمل على إتمام تسوية قانونية لها قبل أن تضمّها إلى أراضي «الدولة». كذلك، كانت تصدر أوامر عسكرية لمصادرة العديد من الأراضي بحجّة الحفاظ على الأمن القومي ومن ثمّ تتحوّل إلى مستوطنات كاملة الأوصاف.

وفي عام 1968، اعتبر وزير الدفاع آنذاك موشيه دايان أن أي دولة لن تعترض على سياسة بلاده الاستيطانية، لأن لدى إسرائيل «أقوى قضاء»، بحسب وصفه، بمعنى أنه يُمكن لأي فلسطيني سُلبت أرضه عنوةً أن يعترض أمام محاكمها. وبذلك، تلبس إسرائيل ثوب الدولة الديمقراطية في عيون الغرب. ومن هذا المنطلق، اعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عام 2019، الاستيطان في الضفة شرعيّاً لأن القانون الإسرائيلي يخوّل أي فرد أن يعترض.

غير أن تجربة أصحاب الأرض كانت مريرة عبر التاريخ مع المحكمة الإسرائيلية العليا، ففلسفة هذه المحكمة تقوم على أنها «ضدّ الاعتداء على الأملاك الخاصة، لكنها ليست ضدّ مبدأ الاستيطان». وفي محصّلة هذه الفلسفة، فإنّ زهاء 92 في المئة من الفلسطينيين الذين تقدّموا إلى المحكمة «مدجّجين» بكلّ المستندات التي تُثبت ملكيّتهم لأرضهم، فشلوا في استعادتها.