جاء في “الراي الكويتية”:
من قَلْبِ الدخانِ المُرْعِب والتصعيدِ الأعتى «على موجاتٍ» في «بلاد الأرز» وصولاً إلى العاصمة بيروت و«الرشقات الأخيرة» على اسرائيل حتى تل أبيب ومحيطها، «انبلج» وَقْفُ نارٍ جاء استيلادُه «قيصرياً» واقتناصُه من فمِ «تَقاطُع مَصالح» دولية – إقليمية على إخمادِ «حرب لبنان الثالثة» قبل أن «تحرقَ الأخضر واليابس» وما بقي من «جسورِ عودةٍ» من «جحيمٍ» فُتحت «بواباته» على الوطن الصغير في 23 أيلول الماضي.
كل شيء في لبنان واسرائيل كان يشي أمس بأنّ «الموْقعةَ» الأكثر تَوحُّشاً تستعدّ الساعة العاشرة صباح اليوم بتوقيت بيروت والقدس، لتطوي 65 يوماً من «هستيريا» النار و«جنون» الدم والدمار، بعدما تَلاقى طرفا المواجهة التي شكّلت نسخةً أكثر ضراوة وإيلاماً بكثير من «حرب الـ 33 يوماً» التي اندلعت في تموز 2006، على أنّ «النزول عن الشجرة» في هذه المرحلة بات ممكناً رَبْطاً باعتقادٍ كل منهما أنه «اصطاد» – أو «أبْقى» – أكثر من «عصفور» في «اليد»:
– فاسرائيل اقتنعتْ، وبضغطٍ أميركي – لم يرفع دونالد ترامب «بطاقة حمراء» بوجهه – أنها حققتْ الحدّ الأقصى أو «الكافي» من الإنجازاتِ التي تتيح لها وَقْفَ الحرب بشروطٍ تَعتبرها «بوليصةَ تأمينٍ» برسْم التطويرِ بـ «ذراعِ» حرية الحركة والتصرف تجاه أي انتهاكٍ من «حزب الله» كما بـ «متمماتٍ» سياسية تُمْسِك معها لبنان من «اليد التي تؤلمه» (إعادة الإعمار).
وفي السياق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول، أنَّ «إسرائيل ستقبل بهدنة في لبنان وليس إنهاء الحرب».
– أما إيران فركنتْ إلى خيارٍ بهدف مزدوج، أوله «الحدِّ من الأضرار» على ذراعها القوية أي «حزب الله»، الذي يخرج من المعركة «متعدّدة البُعد» مثخناً بجراحٍ قاسية، ليس أقلّها اغتيال قائده – الرمز السيد حسن نصرالله وعدد كبير من قادة الصف الأول والثاني وتَداعي مجموعة من السرديات (تجاه خصومه في الداخل) التي ارتكز عليها لتبرير وظيفته في حماية لبنان و«ردع العدو».
وثانيه، «حفْظ رأس» الحزب ودفْعه الى التراجع إلى «خطّ دفاعٍ» عنوانه «إحباط الأهداف السياسية للحرب» على «مثلث»: قيام شرق أوسط جديد لوّح به بنيامين نتنياهو، على قاعدةِ كسْر «محور الممانعة»، وتفكيك وتفتيت النفوذ السياسي للحزب في مفاصل السلطة والحُكْم في «بلاد الأرز»، ونزْع سلاحه خارج جنوب الليطاني.
«مراسم وداع»
وطوال يوم أمس، كانت الصورةُ «منقسمةً» بين إعدادِ «مَراسم وداع» الحرب (ولو على متن هدنة 60 يوماً)، ومراسيم المصادقة على الاتفاق في المجلس الوزاري المصغَّر (الكابينيت)، على وقف نارٍ يبدأ سريانه اليوم، وبين مسرح عملياتٍ بدا مدجَّجاً بأثْقَل ما خبّأتْه اسرائيل «في جعبتها» للساعات الأخيرة والأكثر خطورة وحساسية من المواجهة المدمّرة، والتي لاقاها «حزب الله» بدوره بـ «آخِر الطلقاتِ» من زخّاتِ صواريخ ومسيَّرات، في سياق التسابق على «التقاط» صورة «الانتصار» أو «عدم الانكسار» وإحداث أعلى منسوب من الترويع في «الأعماق المتبادَلة» بما «يحفر في الوجدان» لأجيال وأجيال.
وعلى وقع موافقة المجلس الوزاري المصغر على مسودةِ اتفاقٍ اعتُبر هشاً وكأنه «على الجليد» و«لا يُنهي الحرب على قاعدة هزيمة الطرف الآخَر وإجباره على الركوع، وإنها فقط مسألة سنة أو سنتين سيعود بعدها «حزب الله» إلى الواجهة (كما قال وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير)، أكد نتنياهو «لقد اعدنا حزب الله عقوداً إلى الوراء»، لافتاً إلى أن الاتفاق «يعني أننا سنركز على التهديد الإيراني الآن وأنا مصمم على القيام بكل شيء لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي».
وأضاف «نحتفظ بحرية العمل العسكري إذا خرق حزب الله الاتفاق. وسنعيد جميع المواطنين في الشمال إلى منازلهم». وأوضح أن «هناك سبباً آخر لوقف إطلاق النار هو فصل الجبهات وإخراج حماس تماماً من الصورة»، مدعياً أن إسرائيل «حققت إنجازات كبيرة في الجبهات السبع التي نحارب فيها». سورياً، قال نتنياهو إن على الرئيس بشار الأسد، «أن يفهم أنه يلعب بالنار».
من جانبه، طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، المجتمع الدولي بـ “تنفيذ فوري» لوقف النار، مندداً بقصف «هستيري» طال بيروت.
وتجتمع الحكومة اللبنانية اليوم للموافقة على وقف النار.
«حزام ناري»
ميدانياً، تسارعت التطورات الدراماتيكية، خصوصاً من جانب تل أبيب التي تعمّدتْ عبر أكثر من 180 غارة، تظهير صورةِ وكأنها صاحبة الكلمة الأخيرة في الحرب، وفق الآتي:
– «حزام ناري لف الضاحية الجنوبية»، من خلال موجات غير مسبوقة من الغارات، بلغت نحو 20 خلال دقيقتَين، من بينها أهداف لإدارة وتخزين أموال تابعة لـ «حزب الله» (القرض الحسن في مناطق مختلفة)، وصولاً إلى البقاع في قرى أقضية زحلة وبعلبك والهرمل وصيدا ومنطقة الشنبوق بين بلدة القبيات شمالاً وأطراف الحدث ومخيم الرشيدية في صور، حيث سقط المزيد من الشهداء.
– أصدار إسرائيل للمرة الأولى، أوامر إخلاء نادرة في وسط بيروت وغربها، بما في ذلك منطقة الحمرا التجارية المزدحمة التي استهدفت بغارة مساء.
وامتدت الغارات، من دون إنذارات أحياناً، لتطاول النويري وكورنيش المزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط وبربور (سقوط شهداء وجرحى)، إضافة إلى إلقاء بالونات حرارية فوق السرايا الحكومية وعدد من المناطق اللبنانية.
وجاءت الإنذارات الجديدة بعيد ساعات قليلة من استهداف مبنى سكني قرب جامع خاتم الأنبياء بمنطقة النويري، ما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى، في اعتداء هو الثامن على العاصمة منذ بدء المواجهات في 8 تشرين الأول 2023.
كما استهدفت غارة منطقة السفارة الكويتية – نزلة السلطان إبراهيم قبالة سنترو مول.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي، اغتيال أحمد صبحي قائد العمليات في قطاع الساحل لدى «حزب الله».
واستهدفت «المقاومة الإسلاميّة» مستوطنة كريات شمونة، بصلية من الصواريخ النوعية، إضافة إلى«دبابة ميركافا بصاروخ موجه بالقرب من مركز بلدية الخيام، ما أدى إلى تدميرها، ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح».
وأعلنت «ان مجاهديها شنوا هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على موقع حبوشيت (مقر سرية تابعة للواء حرمون 810) على قمة جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل، وأصابت أهدافها بدقة».
كما أعلن الحزب، الذي أطلق نحو 9000 آلاف صاروخ، منذ بدء المواجهات، أنه استهدف معسكر تدريب للجيش الإسرائيلي جنوب نهاريا للمرة الأولى، بينما أسقطت الدفاعات الجوية خمسة صواريخ كانت تستهدف مدينة حيفا.
وأقر الجيش الإسرائيلي، بمقتل جنديين وإصابة 4 في معارك جنوب لبنان.