كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
توازياً مع استكمال الجيش اللبناني انتشاره جنوباً، سُجّلت خروقات اسرائيلية عدة من قصف مدفعي للقرى المتاخمة للحدود، وإطلاق نار لترهيب المواطنين، وتحليق للمسيرات في أجواء الجنوب، إضافة الى التحذيرات التي وجهها الجيش الاسرائيلي لسكان تلك القرى بالتريث وعدم العودة.
وفي حين أشار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الى ان “الهدنة في لبنان هشة لكنها على الأقل لن تجلب مزيدا من الموت والدمار”، أفادت المعلومات ان لا انسحاب ملحوظا للقوات الإسرائيلية إلى الخط الأزرق حتى الآن، وأعلن الجيش الاسرائيلي أن “أوامر عدم عودة سكان المناطق المفتوحة شمالا في الجليل الغربي والجليل الأعلى ما زالت سارية”. وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الى ان مسؤولين في المؤسسة الأمنية بإسرائيل يقدرون احتمال عودة القتال في لبنان بنسبة 50%، وقال ضابط إسرائيلي: “كلما كانت قواعد اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذها أكثر وضوحا ستصمد فيما بعد”. واعتبر قائد المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي ان “مهمتنا هي التأكد من تطبيق وقف إطلاق النار ولا ننوي السماح بعودة حزب الله”. ونقل عن مصدر عسكري قوله ان تصعيد الجيش الإسرائيلي من اعتداءاته على البلدات الحدودية يهدف إلى منع أهالي البلدات الحدودية من العودة وإبقائها أرضاً محروقة برغم وقف إطلاق النار.فهل ما نشهده على الحدود الجنوبية مع اسرائيل يدخل ضمن الاتفاق أم يُعدّ خرقاً له؟
العميد المتقاعد جورج نادر يؤكد لـ”المركزية” ان “الاستهدافات والخروقات التي قامت بها اسرائيل بعد وقف إطلاق النار تدخل في إطار البنود غير المعلنة من الاتفاق، أوما يمكن تسميتها بنود الضمانات الأميركية لاسرائيل. ثمة ضمانات أميركية لاسرائيل أخطر بكثير من الاتفاق بحدّ ذاته، أي السماح بحرية الحركة وضرب أي تهديد محتمل، وهذا معناه أن اسرائيل في حال شعرت أن أي شخص يهددها تقوم بقصفه وقتله وتدمير منزله. من يحدد التهديد المحتمل؟ اسرائيل طبعا تهدد. هناك ضمانات أميركية أيضاً تشل تبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية بما يتعلّق بإيران وبإعادة تسليح “حزب الله” وإعادة هيكليته العسكرية وتبادل المعلومات بين بعضهم البعض”.
ويضيف: “البنود السرية أخطر بكثير من الاتفاقية التي هي اتفاقية استسلام، ومعلوم ان الدولة اللبنانية وحزب الله “رفعوا العشرة”، هذا واضح، إنما البنود غير المعلنة التي جرى الحديث عنها بشكل واسع هي الأخطر. واتصوّر ان الخروقات الاسرائيلية تدخل في هذا الإطار”.
ويشير نادر الى ان “تدمير الجيش الاسرائيلي للمنازل وإزالة المعالم في كل القرى التي احتلها تهدف إلى منع الأهالي من العودة الى منازلهم. فأي مواطن يريد العودة، بعد مغادرة الجيش الاسرائيلي، ككفركلا والعديسة ومارون الراس وعيتا الشعب وغيرها، يحتاج إلى إجراء مسح جديد لتحديد مكان منزله كي يعيد بناءه، هذا إذا توفّرت الإمكانيات. هذا المواطن لا يعلم بعد دخوله الى قريته أين يقع منزله، وأصبح يحتاج الى مسّاحاً ليدلّه الى عقاره”.
ويختم: “كل العمل العسكري الاسرائيلي من تدمير منازل وإلقاء قنابل فوسفورية تسمم التربة والمجاري المائية، يشكل مجموعة عوامل تمنع المواطن الجنوبي من استخدام أرضه، وقد استُخدِمت بهدف عدم تمكين السكان من العودة. فحتى لو تمكنوا من العودة أمنياً، يبقى الأمر متعذرا لوجستياً في ظرف كهذا”.