كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
تنقشع الرؤية رويداً رويداً أمام العائدين إلى بيوتهم والكشف عليها تمهيداً للإنتقال إليها وإصلاح ما يمكن إصلاحه، وترك ما تدمر منها جزئياً وكلياً، بعد أن حجب الدخان المتصاعد على مدى خمسة وستين يوماً من جراء الغارات المتواصلة هول المأساة، وكان الهم الأساسي البقاء على قيد الحياة.
ما يقارب الألف ومئتين وخمسين غارة سقطت على البقاع الشمالي وحده، من رياق وصولاً حتى الهرمل وما بينهما من بلدات وقرى، فدمرّت آلاف الوحدات السكنية التي بات أصحابها في العراء.
على باب منزله المهدم في دورس يقف أبو رامي وهو الذي أفنى حياته في خدمة المؤسسة العسكرية، ولم ينعم بالسكن في منزلٍ يملكه الا بعد أن أخد تعويض نهاية الخدمة، يتحدث ل “نداء الوطن” بغصة لخسارة منزله، ويقول: التعب والجهد طار بلحظة، ولا ناقة لي ولا جمل في الحرب، واليوم أبحث عن منزلٍ يأويني لحين معرفة ما ستؤول اليه التعويضات والكشف على الأضرار، مضيفاً أنه تحول إلى نازح بعد الحرب كما كان على مدى فترة الشهرين بعد أن نصحه الجيران بالمغادرة حين تلقوا تحذيراً بالإخلاء من المعنيين.
على المقلب الآخر، يعتري زينب ابنة بلدة بوداي البقاعية الفخر بسقوط شقيقها في احدى الضربات القاسية التي تلقتها البلدة، ويحزّ في نفسها البقاء في هذه الدنيا بعد كل ما حدث كما تقول ل “نداء الوطن”.
يضرب الكثيرين في البقاع الشمالي أخماسهم بأسداسهم حول المرحلة المقبلة، يتخوفون من اللجان التي ستكلف للكشف ومسح الأضرار، حيث تدخل الواسطة والمحسوبيات والأولويات في دفع التعويضات، بعد أن سبق وكان للبعض تجربة في توزيع المساعدات والإعانات على فئات معينة دون غيرها.
وتقول مصادر متابعة أن لجان كشف الأضرار ستبدأ اليوم في محافظة بعلبك الهرمل، وهي طلبت من الذين استبقوا عمليات المعاينة أن يقوموا بتصوير الأضرار، ومن استعجل وقام بإصلاحها يقدم فواتير المبالغ التي تم دفعها، مشيرةً إلى أن الخوف في قادم الأيام من إشكالات قد تحصل .