IMLebanon

مخاوف إسرائيليّة من عمليات تسلل في الشمال

كتب نايف عازار في “نداء الوطن”:

لم تكد ساعات قليلة تمرّ على إبرام إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار مع ألدّ أعدائها «حزب اللّه»، حتى انهالت ردود فعل الصحافة العبرية عليه.

ففيما هلّلت بعض الأقلام الإسرائيلية للاتفاق معتبرةً أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حقق مراد بلاده بإرغام «حزب اللّه» على التراجع من جنوب الليطاني، وبمنعه من إعادة ترميم قدراته العسكرية بعد القضاء على 70 في المئة من ترسانته النارية، أمطرت أقلام أخرى الاتفاق بوابل من الانتقادات، مؤكدة أن تهديد «درّة تاج» إيران في لبنان لم يُزَل تماماً وأن قدرة الحزب على تنفيذ عمليات تسلل في الشمال الإسرائيلي لا تزال قائمة، وهي تؤرق سكان الشمال الذين لن يعودوا في المدى القريب إلى ديارهم، وجازمةً أن الحزب سيُعيد عاجلاً أم آجلاً بناء ترسانته العسكرية وترميمها، معزَّزاً بنظرية «الصبر والإصرار الاستراتيجيَّين» المستوحاة من إيران، والتي يحلو لأحد مستشاري نتنياهو نعتها بـ «رأس الأخطبوط» في الشرق الأوسط.

إيجابيات تفوق السلبيات؟

الباحثة الرئيسة في «معهد دراسات الأمن القومي» الإسرائيلي أورنا مزراحي، رأت أن إيجابيات قبول الاتفاق تفوق سلبياته، معتبرة أنه أدّى إلى الفصل بين الساحات وأبقى بذلك «حماس» من دون دعم «حزب اللّه»، فضلاً عن تحويله الاهتمام إلى إيران والسماح بانتعاش قوات الجيش الإسرائيلي المنهكة وتجديد مخازن العتاد العسكري الذي تقلّص. وأضافت مزراحي أن وقف الحرب في لبنان قد يولّد زخماً جديداً يُمكن أن يُساعد في إحياء صفقة المخطوفين في غزة، ويؤدّي إلى تخفيف العبء الاقتصادي، ويحدّ من الانتقادات الدولية والإقليمية المسلّطة على إسرائيل.

وختمت مزراحي بأن إظهار التصميم الإسرائيلي على التطبيق العسكري الفعال أمر ضروري من أجل صوغ قواعد لعبة جديدة بين إسرائيل ولبنان، وهذه المرّة، قواعد تفيد تل أبيب وتردع بيروت.

رئيس المجلس الأمني الإسرائيلي السابق الجنرال احتياط غيورا آيلاند، كتب في قناة N12 منتقداً الاتفاق ومعتبراً أن العدوّ الذي تقاتله بلاده ليس فقط «حزب اللّه» بل دولة لبنان المعرّف عنها بأنها دولة عدوّة بالنسبة إلى إسرائيل، وقال إنه في اللحظة التي أُطلق فيها النار على إسرائيل، كان يجب أن يُترجم ذلك في إعلان حرب إسرائيلية عليها، مضيفاً أنه كان يُمكن أن تتضمّن ترجمة هذا الإعلان حصاراً بحرياً ومنع حركة الطيران في مطار بيروت وضرب أهداف حيوية كالجسور المؤدية إلى الليطاني، وضربات «سيبرانية» على بنى تحتية قومية وغيرها، وكان يُمكن أن يُترجم ضغط كهذا على دولة لبنان ضغطاً كبيراً على «حزب اللّه»، بحسب آيلاند.

تعذّر العودة إلى الشمال

ومن منتقدي الاتفاق أيضاً الكاتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت» عميحاي أتالي الذي جزم أن إبرام الاتفاق لم يُبدّد القلق من خطر وقوع حادثة خطف في الشمال، قائلاً إنه لو كان يعيش في مستوطنة قرب الحدود الشمالية في المطلة، أو مسكاف عام، أو حتى كريات شمونة، لما كان سيعود إلى منزله، لأن نيّة «حزب اللّه» لم تتغيّر، وفق الكاتب. فهو تنظيم ديني جهادي، يكمن في عقيدته كتنظيم وفي معتقدات أفراده، الافتراض القائل إن الضرر الذي يُمكن أن يكبّدوه للإسرائيليين أهمّ من حياتهم الشخصية، أو منافعهم الفردية، فهؤلاء يعتبرون المخاطرة أو التضرّر أو حتى الموت، أموراً تستحق العناء، في مقابل مجرّد احتمال إلحاق الضرر بالإسرائيليين.

وختم بأن ما يُمكن أن يُعيد سكّان الشمال إلى بلداتهم أحد أمرَين: إمّا تحوُّل كامل للطائفة الشيعية في لبنان إلى ديانة أخرى، وإمّا بناء منطقة عازلة حقيقية كبيرة، خالية تماماً من كلّ شيء ومن أيّ شخص، وتخضع للمراقبة والسيطرة النارية على مدار الساعة.