IMLebanon

الجيش يرفع إجراءاته عند الحدود

كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار”:

لم يكد وقف إطلاق النّار في لبنان يدخل حيز التنفيذ، حتّى اشتعلت الجبهة السوريّة، وسيطرت فصائل مسلّحة على مناطق واسعة في الدّاخل السوري بما فيها حلب وصولاً إلى مشارف حماه. إمكانيّة إكمال المقاتلين لعمليّاتهم من ريف حماه والوصول إلى حمص أعادت إلى الأذهان تاريخاً مريراً طويلاً من احتلال مقاتلي «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» لقسمٍ من جرود سلسلة لبنان الشرقيّة، وسيطرتهم على بلدة عرسال وإرسالهم سيارات مفخّخة وانتحاريين إلى مناطق مختلفة.

صحيح أنّ هذا السيناريو يبدو بعيداً نسبياً حتى الآن في ظلّ القدرات العسكريّة الفعلية للفصائل، ومع تعهّد الجيش السوري بشن هجومٍ معاكس. إلا أن الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة تتحسّب لكلّ السيناريوهات، بما فيها الأسوأ. ولذلك، بدأت نقاط الأمن العام على المعابر الحدوديّة الشرعيّة تزيد من القيود على دخول السوريين ممّن لا يحملون إقامات شرعيّة، باستثناء المُسافرين عبر «مطار رفيق الحريري» ممن يبرزون حجوزات في فنادق لبنانيّة وتذاكر سفر، أو لأسباب صحيّة تتعلّق بمتابعة الاستشفاء في مستشفيات لبنانيّة، مع إعطاء الأولوية للبنانيين الذين نزحوا إلى سوريا والعراق خلال توسّع الاعتداءات الإسرائيليّة في الشهرين الماضيين.

الجيش يتشدّد
غير أن الأمن العام يُدرك أنّ المقاتلين يدخلون عادة عبر المعابر غير الشرعيّة الممتدّة على طول أكثر من 360 كيلومتراً بين سوريا ولبنان، وأن ما تُسمّى «الخاصرة الرخوة» التي يُمكن منها دخول المقاتلين لا تتعدّى 180 كيلومتراً.

وقد تمكّن الجيش في السّنوات الأخيرة من ضبط هذه «الخاصرة الرّخوة» وتعزيز انتشاره فيها، بالأبراج والكاميرات والأفواج على الأرض، ولذلك لا تتوقع مصادر المؤسسة العسكرية سيناريوهات سيئة. غير أن الجيش فرض تدابير إجرائيّة وقائيّة مشدّدة خلال السّاعات الماضيّة على الحدود، من دون أن يعني ذلك تعزيزاتٍ للعديد أو تغييرات في أوامر العمليّات الحاليّة.

ويؤكد أكثر من مصدر أمني أنّ انتشار أفواج الحدود البريّة على هذه المعابر كاف في الوقت الحالي، خصوصاً أنّ هذه الأفواج التي تتمتّع بقيادة مركزيّة وقدرة كبيرة على المناورة وسرعة الحركة، مع آليات غير ثقيلة، يمكنها طلب المؤازرة الفوريّة من الألوية الموجودة خلفها عندما تشعر بأي تحرّك مشبوه لا قدرة لها على صدّه. وتأتي هذه المؤازرة من قبل اللواءين السادس والتاسع المتمركزين في الخطوط الخلفيّة في البقاع (كبعلبك ورأس بعلبك وجب جنين ورياق…)، واللذين «يتمتعان بقدرات عملانيّة تمكّنهما من كبح أي تقدّم مسلّح».

«الخطر مستبعد»
ويؤكد الخبير في الشؤون العسكرية العميد المتقاعد فادي داود، الذي كان قائداً للواء السادس وقاد عمليّة «فجر الحدود» عام 2017، أنّ «لبنان في أمانٍ نسبي طالما أنّ عمليات التنظيمات المسلّحة توقّفت عند حدود حماه ولم يتمدّد هؤلاء باتّجاه حمص التي تليها القصير ثم لبنان»، مؤكّداً أنّ «خطر دخول المسلّحين لا يزال مستبعداً إن كان من البقاع أو حتّى عند الحدود العكاريّة».

وشدّد على أنّ «الانتشار العسكري على الحدود لأفواج الحدود البريّة (والألوية من خلفها)، يتمركز في النقاط الحاكمة والمسيطرة في حال تقدّمت المجموعات المسلحة باتجاهها»، لافتاً إلى أنّ «لدى الجيش القدرة على التصدي بالنّار لهذه المجموعات». كما لفت إلى القدرة الجويّة للجيش لكبح هكذا تقدّم ولا سيّما عبر طائرات «super tucano» التي يملك عدداً كبيراً منها، لافتاً إلى أنّ «هذه الطائرة الصغيرة نسبياً قادرة على حمل الصواريخ ومُشابهة للطائرات الحربيّة «F16»، وإن كانت الأخيرة أكثر تطوّراً وسرعة وتمتلك قدرة أكبر على المناورة.

ويطمئن داود إلى أنّ الوضع الحالي لا يبعث على الخطر، خصوصاً مع قدرة الجيش على صدّ أي هجوم، إلا أنّه يلفت في المقابل، إلى أنّ «ما لا يستطيع الجيش أن يتعامل معه ويُعد نقطة ضعف، هو في حال دخول مجموعات من المقاتلين غير المسلّحين، أو بمعنى آخر أي وضع غير مسلّح، حينها يكون الأمر أصعب مع عدم قدرة العناصر على فتح النّار عليهم وبالتالي التصدّي بالنّار لحماية الحدود، باعتبارها مجموعات مدنيّة».