IMLebanon

متى تسقط معسكرات الأسد الفلسطينية؟

كتب أنطوان مراد في “نداء الوطن”:

تعود إلى الواجهة في هذه الأيام قرارات أول طاولة حوارية دعا إليها الرئيس نبيه بري في آذار من العام 2006 تحت مسمّى «مؤتمر الحوار الوطني»، وشارك في أعمال هذه الطاولة أربعة عشر من القادة السياسيين ورؤساء الأحزاب الرئيسية من بينهم الأمين العام الراحل لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي حضر شخصياً وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة له في اللقاءات الحوارية. وقد توافق الجميع في حينه على نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وعلى تنظيمه وضبطه داخلها. وبعدما تم تشكيل لجنة لهذه الغاية، تعطل عملها ومعه تنفيذ تلك القرارات بحجة حرب تموز من العام نفسه.

وتشير الوقائع إلى أن «حزب الله» وبالتنسيق مع النظامَين الإيراني والسوري تراجع عن القرارات المتخذة، لا سيما بعدما تنبه إلى أن المخيمات تشكل بؤرة يمكن استغلالها في أي لحظة، وأن المعسكرات الفلسطينية خارجها تقدم خدمات مهمة لمحور الممانعة و»حزب الله»، سواء للتهريب أو كقواعد دعم وإسناد أو كملاذات لبعض المطلوبين.

مع سقوط النظام السوري من المفترض أنه لم يعد هناك أي عائق أو مبرر أمام عدم الإقدام على إزالة هذه المعسكرات. فهل ستتحقق هذه الخطوة؟

في الانتظار، وبالعودة إلى تاريخ المعسكرات، نبدأ بمخيم نهر البارد الذي شهد حرباً في 20 أيار 2007 بين الجيش اللبناني وبين منظمة «فتح الإسلام» بقيادة شاكر العبسي. وكانت هذه المنظمة سابقاً تحمل اسم «فتح الانتفاضة» الموالية للنظام السوري قبل ان يطرأ عليها التحول المفاجئ. وخلال المعارك بين الجيش والمنظمة، كانت المفارقة في إعلان نصرالله آنذاك أن المخيم خط أحمر!

وكان العبسي قبل تزعمه «فتح الإسلام» مسجوناً في سوريا بتهمة تشكيل مجموعة أمنية، ثم تم الإفراج عنه فجأة لينتقل بعد ذلك إلى معسكر «فتح الانتفاضة» أولاً إلى حلوة في البقاع، ثم إلى مخيم البارد، ليختفي لاحقاً، ويرجح أنه عاد إلى سوريا، بعدما فرّ كما تشير معلومات عبر نفق من مخيم البارد إلى الجوار وتحديداً إلى طبقة تحت الأرض تعود لمخبز يملكه سياسي شمالي. وقد يظهر العبسي مجدداً بعد سقوط النظام السوري إذا لم تتم تصفيته. ولا بد أنه يعرف الكثير!

بالنسبة لمعسكر حلوة، فهو يقع عند الحدود اللبنانية السورية في منطقة دير العشاير في راشيا، والذي لجأ إليه العبسي أولاً، وهذا المعسكر هو واحد من معسكرات عدة ارتبطت مباشرة بالنظام السوري البائد و»حزب الله».

وهناك ايضاً في البقاع أخطر المعسكرات والذي يقع في أعالي قوسايا والتابع لـ»الجبهة الشعبية القيادة العامة» برئاسة أحمد جبريل والذي ورثه ابنه جهاد بعد وفاته منذ ثلاث سنوات. ويمتد المعسكر إلى دير الغزال وأطراف رعيت، لا سيما في محلة حشمش، حيث يضع مسلحو «الجبهة» يدهم على ممتلكات خاصة تضم جنائن وأراضي زراعية فضلاً عن كسارات متوقفة.

ويقع التحدي الأبرز في مواجهة هذا المعسكر على عاتق الجيش اللبناني المنتشر بشكل محدود نسبياً عند الأطراف السفلى للمعسكر.

علماً انه ليس هناك ما يمنع الجيش من السيطرة عليه وصولاً إلى الحدود الشرقية لا سيما بعدما خسر المعسكر خلفيته السورية. ويشير الأهالي إلى أنهم لم يلمسوا أي مبادرة من القوى الشرعية على الأقل لمحاصرة المعسكر وضبط الحركة منه وإليه في إطار السيطرة على الحدود، ولم يعد جائزاً، بحسب الأهالي أن يبقى المعسكر قائماً. فهو يضم آليات مدرعة ومدفعية وراجمات صواريخ، ولجأت إليه مجموعة من نحو خمسين مسلحاً منذ أيام من الداخل السوري، كما أن نصف عناصر «الجبهة» سوريون إلى جانب عدد من الفلسطينيين.

وتردد أخيراً أن مسؤولين من جماعة النظام السابق عبروا إلى لبنان من خلال معسكر قوسايا، وسبق لمسلحي المعسكر أن شاركوا بالقصف خلال الثورة السورية على الزبداني بشكل خاص دعماً لجيش النظام، كما أنهم شقوا منذ سنوات قليلة طريقاً تم تعبيده ويؤمن التهريب عبر الحدود.

ويدعو أهالي البلدات المعنية بقوسايا ومعظمهم من المسيحيين إلى إزالة هذا المعسكر كي تعود الطمأنينة إلى المنطقة ويستعيد الأهالي أراضيهم المصادرة.

ومن قوسايا إلى معسكر السلطان يعقوب في البقاع الغربي حيث لا يزال قائما، ومن البقاع إلى الساحل جنوب بيروت حيث ما زال حتى الآن عدد من مسلحي جماعة جبريل يسيطرون على أنفاق الناعمة، بعدما نفذوا عملية إعادة تموضع مطلع الصيف الماضي، وتسلم الجيش مساحة كانوا يسيطرون عليها، ما سمح للأهالي بالعودة إلى بعض أملاكهم، لكن الأنفاق ما زالت على حالها. وكانت تضم حتى الأمس القريب بحسب المعطيات المتوافرة عناصر من «حزب الله» إلى عناصر من «الجبهة الشعبية – القيادة العامة».

أما جنوباً، فالمشكلة تتمثل في المخيمات نفسها، حيث من المعروف أن أراضي مخيم المية ومية وبنسبة 90 في المئة تقريباً تعود لأبناء البلدة والمنطقة من المسيحيين، فضلاً عن أن معظم أراضي مخيم عين الحلوة هي للمسيحيين. وقد حصلت محاولات عدة لمعالجة الملف ولو بالحد الأدنى، لكنه اصطدم وما زال بعقبات وتحفظات سياسية محلية في صيدا، علماً أن المالكين لا يمكنهم التصرف بأملاكهم ولا حتى الاستحصال على وثائق معينة نتيجة هذا الواقع، بل إن عمليات احتلال حصلت لأملاك مسيحية خارج إطار مخيم المية ومية واتخذ القرار بإخلائها، لكن القوى الأمنية لا تنجح دائماً في التنفيذ بسحر ساحر!