كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
إرتضى أبناء باب التبانة وجبل محسن العيش معاً بعد جولات طويلة من العنف امتدّت لسنوات لم تعد على طرابلس وشعبها إلا بالويلات.
تفجير المسجدين
جريمة تفجير مسجديّ “السلام والتقوى” والمتهم فيها الحزب العربي الديمقراطي ورفعت عيد، شكّلت محطة حزينة دامغة في تاريخ المدينة، والمسبب فيها لا يزال فاراً من وجه العدالة. كل ما يريده أهالي طرابلس محاكمة المفتعلين، من دون أن يشكّل ذلك مدخلاً لأي فتنة مذهبية أو طائفية. وتزامناً مع وتيرة الأحداث المتسارعة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، يتردد السؤال الآتي: هل هناك من يستخدم هذه الجريمة والأحداث والمستجدّات لإثارة النعرات؟
تاريخياً، تفاعلت طرابلس مع أوضاع المنطقة والمتغيّرات على الساحتين العربية والإقليمية. كانت من أشدّ المتحمّسين للثورة السّورية وللإطاحة بحكم بشار الأسد في العام 2011. أما وقد حققت الثورة مرادها ولو بعد 13 عاماً على انطلاقتها، فإن طرابلس تعيش الاحتفالات لأيام بجزئها السنّي، بينما الجزء العلوي من المدينة في حالة ترقّب لِما يجري ويريد التعايش مع أبناء طرابلس، لكنه قلق مما يجري من حوله، لا سيما وأن الضخ الإعلامي حول الوضع الأمني كبير جداً ولا يهدأ.
أبرز ما حصل في الساعات الأخيرة كان حديث على منصة (إكس) للمعمم الشيعي السيد محمد علي الحسيني، الذي دعا أبناء الطائفة العلوية في قرى عكار وطرابلس – جبل محسن إلى مغادرتها. ونشر الحسيني الآتي: “ننصح (العلويين) اللبنانيين في عكار وطرابلس – جبل محسن إلى ترك أماكنهم والتوجه إلى جبل عامل جنوب لبنان لأسباب عدة أهمها حمايتهم والحفاظ على خصوصيتهم والاطمئنان عليهم، وستعلم أسباب هذا النداء وهذه النصيحة والنتائج التي قد تترتب على بقائهم حيث هم في القريب العاجل”.
في الواقع أثار هذا الكلام خشية حقيقية، لدى العلويين بشكل خاص والطرابلسيين بشكل عام، ظهر واضحاً من خلال حجم التعليقات التي تفاعلت مع المنشور.
ومع استمرار مناطق طرابلسية عدة باحتفالاتها بسقوط بشار الأسد، يتنامى الحديث عن دخول المئات من أتباع نظامه والموالين له إلى لبنان في الأيام الأخيرة. وثمّة من يتخوّف من فتنة يجري الإعداد لها انطلاقاً من طرابلس والشمال. وقد دخل مشايخ طرابلس على خط طمأنة أهالي جبل محسن، الذين يرفضون الفتنة ويريدون العيش مع إخوانهم من أبناء المدينة بسلام.
في المقابل، لا يزال مسلسل إطلاق النار ورمي القنابل في مناطق عدة من طرابلس مستمر، وقد أقدم مجهولون فجر أمس على إطلاق النار باتّجاه مطعم (غرين ريستو) في جبل محسن، واقتصرت الأضرار على الماديات. ومع أن خلفية الحادثة شخصية، بحسب ما أكد صاحب المطعم لاحقاً، لكنها ضاعفت منسوب الشائعات بوجود من يعمل على فتنة بين العلويين والسنّة وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإشعال جبهة جبل محسن وباب التبانة من جديد.
تجدر الإشارة إلى أن وحدات الجيش اللبناني واصلت دورياتها في طرابلس وشوارعها لضبط الأمن في المدينة.