كتب عامر زين الدين في “الأنباء” الكويتية:
قلق متعاظم وحذر شديد يرافقان التطورات المتسارعة التي تجري في الداخل السوري وانعكاسها على الواقع المعاش في المناطق اللبنانية الحدودية خصوصا الشرقية في البقاع الشمالي ولاسيما «مدينة الشمس» بعلبك، وامتدادا إلى الهرمل، مرورا بعدد من قرى هذه المحافظة، مثل رأس بعلبك، القاع، يحفوفا، يونين، عرسال، طفيل ونحلة.
مدينة بعلبك وحدها تشهد اكتظاظا سكانيا خانقا بالنازحين السوريين، وتجاوز عدد العائلات فيها بحسب رئيس البلدية مصطفى الشل قرابة 17 الف عائلة، أتوا من مناطق سورية عدة، وبعضهم قد وصل قبل اغلاق بعض المعابر الشرعية.
منهم من توافر له مسكن أو يقيم في مركز إيواء. آخرون يقيمون في مخيمات وحتى على الطرقات وفي السيارات، في انتظار إيجاد أمكنة الإيواء لهم، علما انه ليس من مؤشرات جدية على مغادرتهم المناطق التي لجأوا اليها حتى الآن.
التدابير الأمنية المتخذة تواكب حركة النزوح الكثيفة وفق إجراءات عسكرية مختلفة، مثل الدوريات والحواجز المتنقلة وسوى ذلك، وفي شكل خاص على المعابر غير الشرعية، باعتبار المنطقة مفتوحة ومتداخلة حدوديا وجغرافيا، لاسيما في أماكن مثل مشاريع القاع ومطربا وحوش السيد علي.
وكشف رئيس بلدية بعلبك لـ«الأنباء» إلى ان الـ17 الف عائلة، وليس من مسح دقيق للأرقام، يقيم أفرادها في الحسينيات والمساجد ومراكز إيواء وفرها ««حزب الله». ومعظم هؤلاء من اللبنانيين منذ عشرات السنوات، ومن القرى الحدودية والهرمل المحاذية لمحافظة حمص تحديدا. وتواجه الواقع مفاجآت لا تكون احيانا كثيرة بالحسبان، في ظل تدفق العائلات بهذا الحجم».
وأضاف: «ليس للبلديات إمكانيات ترعى شؤون هؤلاء، والدولة لا تتعاطى، الحزب (حزب الله) وحده يعالج وفق امكانياته. انما في النهاية ثمة عائلات لاتزال على الطرقات وبعضها يقيم بالسيارات، دون توفير الأمكنة المناسبة. من هنا نتوجه إلى الدولة بإيلاء الملف الاهتمام اللازم من النواحي كافة، ونعلم من يدخل شرعيا ودون ذلك لا نعرف، لذا ندعو الدولة إلى تشكيل لجان مختصة لمعالجة الوضع».
وختم: «نتوجه إلى الجهات المانحة ومنظمات حقوق الإنسان وجمعيات حقوق الإنسان والمرأة والطفل وسواها، للتدخل العاجل، لمعالجة المشكلات الناتجة عن النزوح وتوفير الامن الغذائي ومقومات العيش الكريم».
من جهته، قال عضو بلدية دورس علي غرلي لـ«الأنباء»: «غياب الدولة والجهات المانحة، جعل البلديات غير قادرة على تأمين الاحتياجات الضرورية للعائلات النازحة وهي بالآلاف». وناشد «الجهات المانحة التدخل وتقديم المساعدات الإنسانية».
وأضاف غرلي: «النازحون يصلون إلى بعلبك إلى مقام السيدة خولا. ويقوم حزب الله بتوزيعهم على مراكز إيواء ومدارس، وبعضها كان مقفلا منذ زمن». ونبه إلى ان «الخطر يكون بوجود سلاح بين أفراد من تلك العائلات، خصوصا انهم كانوا في مناطق تحت سيطرة النظام السابق».
وكان صدر بيان باسم «أهالي الهرمل وبعلبك، نبه المسؤولين والمؤسسات، إلى خطورة ظاهرة النزوح الجديدة من الداخل السوري التي جاءت بحوالي 50 ألف مواطن سوري جديد إلى المنطقتين، والى حجم الإهمال والتقصير الرسمي ووجود زهاء 30 ألفا من النازحين في منطقة الهرمل ألقى بثقله على المجتمع المضيف المتعب اصلا، من كل ما جرى على الساحة اللبنانية والنكبة التي حلت بأبناء البقاع الشمالي».
كما حذر البيان من «تفاقم الأمور وتدحرجها، في ظل وجود السلاح لدى مجموعات منهم، يشكلون خطرا كبيرا يحدق بأمن وسلامة النازحين أنفسهم والمجتمع المضيف في آن، وقد يؤدي التمادي في تجاهل حجم الأزمة وخطورتها إلى ما لا يمكن معالجته لاحقا».