كتب عامر زين الدين في “الأنباء”:
محطتان بارزتان تطبعان حركة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط خارجيا، وتتمثلان بزيارتين مقررتين لكل من أنقرة ودمشق للقاء قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، وذلك بعد زيارة كانت قادته ونجله رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب تيمور جنبلاط إلى باريس ولقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وليد جنبلاط الذي يعد العدة في حركته السريعة باتجاه دمشق وأنقرة، ليس للإعراب عن فرحه بما أعلنه في الاجتماع الدرزي الموسع للمجلس المذهبي أمس الأول، «بانتصار كمال جنبلاط بعد 47 عاما على اغتياله» فحسب، وانما لهواجس تساكنه حيال ما يخفى من مخططات إسرائيلية تجاه الدروز في «جبل العرب»، وأطماع بتبدلات على هذا المستوى، مترافقة مع ضخ إعلامي ومغريات.
ولعل كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته التفقدية لسفوح جبل الشيخ، وقبل ذلك توسيع دائرة الاستيطان في المنطقة العازلة في الجولان المحتل، كانتا بالنسبة لجنبلاط ذات مؤشرات مقلقة.
وعليه، شغل جنبلاط محركاته الخارجية على أكثر من مستوى، بهدف تعطيل مشاريع سياسية وعسكرية تتعلق بدروز سورية وخصوصا مدينة السويداء، جارة درعا والقنيطرة اللتين تتوغل فيهما إسرائيل.
مصادر مواكبة للحراك الجنبلاطي الأخير، قالت لـ «الأنباء»: «ليست مبادرته في الذهاب إلى دمشق كأول زعيم لبناني هي بالأمر التفصيلي، على الرغم من بعض النصائح التي أسديت بعدم الاستعجال بتلك الرحلة، وإنما لأشياء أساسية ومهمة. وليس عبثا ان يكون قوام الوفد المرافق لجنبلاط وشيخ العقل سامي أبي المنى، من النواب وأركان «التقدمي» والمجلس المذهبي والقضاة ومشايخ.
الرجل لم يزر سورية منذ 9 حزيران 2011، ومرد الزيارة الآن، لوضع الإطار العام لمعركة الحفاظ على الدروز ضمن الدولة السورية الموحدة، ورفض مشاريع التقسيم التي يتم الترويج لها من داخل سورية وفي إسرائيل، واستعادة العلاقات الصحيحة مع العمق العربي. علما ان شيخ عقل سورية حكمت الهجري أعلن مرارا رفض الانفصال عن البلد الأم. كلام جنبلاط وشيخ العقل سامي أبي المنى والبيان الختامي للمجلس المذهبي كان واضحا في التركيز على وحدة سورية ومواجهة تلك المشاريع، مثل الحديث عن إقامة دويلة درزية عابرة لحدود لبنان وفلسطين وسورية.
وأضافت المصادر: «خطوة دروز لبنان باتجاه الحكم الجديد في سورية ولقاء الشرع الأحد المقبل، ستكون بالتوازي مرحليا مع لقاءات جنبلاط في تركيا، وستتبعها لاحقا زيارة درزية موسعة إلى مشايخ السويداء».
وبحسب مصادر مشيخة العقل في لبنان لـ «الأنباء»، فإن النية لزيارة السويداء موجودة، ولكن التوقيت لن يحدد إلا بعد إتمام زيارة دمشق. والهدف من الزيارة أيضا، التشديد على التمسك بالأرض والانتماء التاريخي والعربي، والهوية العروبية، وللحفاظ على الإرثين الوطني والروحي، ودور الطائفة الطليعي في كل مراحل النضال، وفي بناء الوحدة الوطنية السورية»، فيما دروز «منطقة الشام» في حراك متواصل راهنا، مواكبة لدقة المرحلة وزمن تحولات المنطقة، كي لا يفوتهم قطار التسويات والموقع على خريطة الشرق الأوسط الجديد، وقدرتهم على مواجهة مخططات تقلقهم وتلوح في المدى المنظور.