كتب طلال عيد في “المركزية”:
من المعروف أن لبنان يصنف بلد استيراد بامتياز لانه يستورد سلعاً وبضائع سنوياً بأكثر من 17 مليار دولار ولا يصدر أكثر من 3 مليارات دولار.. (إحصاءات الجمارك اللبنانية للعام 2023).
ومن الطبيعي جداً ان تتراجع الحركة الإجمالية عبر المرافئ البحرية والمعابر الحدودية البرية ومطار بيروت الدولي، خلال استمرار تصاعد العدوان الاسرائيلي على لبنان.
وأظهرت الاحصاءات ان تراجع الحركة الإجمالية في مرفأ بيروت في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، جاء اقل من التوقعات، علماً انه تمر عبر مرفأ بيروت اكثر من 70% من حركة لبنان الخارجية مع العالم الخارجي، حسب تقرير أعدته الغرفة الدولية للملاحة في بيروت.
كما كشفت هذه الاحصاءات عن مفاجأة كبيرة تمثلت بأن هذا التراجع لم يشمل عدد البواخر وحركة البضائع والحاويات المستوردة برسم الاستهلاك المحلي، في حين اصاب هذا التراجع مجموع السيارات، والحاويات المصدرة ملأى ببضائع لبنانية وتلك برسم المسافنة.
يقول الرئيس السابق لغرفة الملاحة الدولية ايلي زخورلـ”المركزية”: ان عوامل عدة ساهمت في ارتفاع حركة الاستيراد عبر مرفأ بيروت في الأشهر التسعة الأولى من العام 2024 عما كانت عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي، رغم العدوان إلاسرائيلي القاتل والمدمر:
فالعامل الأول يعود إلى مسارعة التجار الى مضاعفة وارداتهم استباقاً للارتفاع الكبير بأجور الشحن البحري التي تضاعفت مرات عدة في الربع الأول من العام 2024.
اما العامل الثاني فتمثل بمضاعفة التجار ايضاً وارداتهم في النصف الأول من العام الحالي، لتغطية الزيادة التي كانت متوقعة بالاسهلاك المحلي خلال فصل الصيف المنصرم مع قدوم عشرات الآلاف من المغتربين اللبنانيين العاملين في الخارج، لتمضية اجازاتهم مع عائلاتهم واهاليهم وأصدقائهم المنتشرين في مختلف المناطف اللبنانية.
اما العامل الثالث والأهم، فيعود إلى مضاعفة التجار وارداتهم تحسباً لتصعيد إسرائيل عدوانها على لبنان وتوسعه ما قد يؤدي إلى فرض حصار بحري وبري وجوي على لبنان، وبالتالي إلى توقف كلي لحركة الاستيراد والتصدير.
ولا بد من الإشارة الى أن شركات الشحن البحري لم تعلق رحلات بواخرها إلى المرافئ اللبنانية رغم ارتفاع وتيرة العدوان الاسرائيلي على لبنان، كما أن جداول البواخر المنتظر وصولها لم يطرأ عليها اي تعليق أو إلغاء.
ويؤكد زخور انه” من المنتظر أن يشهد لبنان مع صمود اتفاق وقف إطلاق النار، حركة استيراد نشطة ومضاعفة ليتمكن من خلالها تلبية حاجات الاقتصاد الوطني في مرحلة إعادة إعمار القرى والبلدات والمدن المدمرة من جراء العدوان الاسرائيلي”.
فلبنان كما ذكرنا آنفاً، بلد استيراد بامتياز، فإعادة الاعمار لا تقتصر على الترابة والبحص والرمل التي هي اصلاً مؤمنة محلياً، في حين ان اكثر من 80% من مستلزمات حركة إعادة الاعمار هي مستوردة من الخارج.