كتب كبريال مراد في “نداء الوطن”:
4 جلسات عامة فقط عقدها مجلس النواب في العام 2024. صحيح أن الظروف السياسية والأمنية فرضت نفسها على عمل البرلمان، وسط النقاش الدستوري المستمر عن إمكان التشريع في غياب رئيس الجمهورية، والعدوان الإسرائيلي على لبنان، إلاّ أن كشف الحساب يظهر أن “الميزان طابش” نحو عدم الإنتاجية مع بعض الاستثناءات، خصوصاً للجان النيابية الفاعلة.
أوّل السنة… موازنة
استهل المجلس السنة بمناقشة وإقرار مشروع قانون موازنة العام 2024، في 24 كانون الثاني 2024، بعدما مرّ على “مشرحة” لجنة المال والموازنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان خلال 26 جلسة، بعدما لحظت أنه ورد من الحكومة من دون رؤية اقتصادية واجتماعية، وافتقاره إلى الشمول المكرّس دستورياً، وعشوائيته في استحداث الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات. وعلى قاعدة “أفضل الممكن”، ألغت اللجنة 46 مادة، وعدّلت 73، وأقرّت 14 مادة كما وردت، وأضافت 8 مواد، في سياق ما اعتبرته اللجنة إصلاحات جوهرية على صعيد المالية العامة. ومن بين الإصلاحات، ضمّنت اللجنة المشروع نصّاً “يحظّر إعطاء سلفات خزينة خلافاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية وتحميل المخالفين لهذه الأحكام تسديد السلفات بأموالهم الخاصة، وإحالتهم على القضاء المختص”.
البلديات تفرض نفسها
بعد ثلاثة أشهر على جلسة الموازنة، فرض التمديد للمجالس البلدية والاختيارية نفسه على مجلس النواب. فتمت الدعوة الى جلسة تشريعية عقدت في 25 نيسان 2024، أقرّ فيها التمديد للبلديات والمخاتير حتى 31 أيار 2025. كما أقرّ تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوّعين المثبتين في الدفاع المدني، فحصل هؤلاء على الرواتب بعد طول انتظار.
الهبة الأوروبية… والتوطين
بين أواخر نيسان 2024 وأيار 2024، “طلعت الصرخة” على أثر مساعدة أوروبية بقيمة مليار يورو للبنان، رأت فيها معظم الكتل النيابية شروطاً غير مقبولة على صعيد النازحين السوريين في لبنان، وصلت إلى حد اعتبارها من قبل عدد من النواب “بدلاً مالياً للتوطين”. على الأثر ، انعقد مجلس النواب في 15 أيار 2024، وعلى جدول أعماله حصراً، بند تحديد الموقف من هذه الهبة.
حضرت الكتل النيابية، وتحدّث ممثلون عنها في الجلسة. وبنتيجة النقاشات، صدرت توصية عن مجلس النواب، اتفق على خطوطها العريضة مسبقاً قبل الجلسة.
واليوم، بعد سقوط النظام السوري، بات من المفترض على الحكومة اللبنانية القيام بخطوات جدّية وعملية لإعادة النازحين إلى سوريا، حتى لا تتغيّر الظروف، وتبقى الأعباء على لبنان، نتيجة “التقصير اللبناني” في المعالجات المطلوبة.
لا جلسة للحرب
على رغم العدوان الإسرائيلي على لبنان، وكل ما رافقه من مواقف مرتبطة بمن يمسك بقرار الحرب والسلم في لبنان، وعلى الرغم من المطالبات الخطّية بعقد جلسة لمناقشة الحرب، لم يشأ رئيس مجلس النواب نبيه بري نقل السجال إلى داخل البرلمان، فلم تنعقد أي جلسة، إلاّ بعد انتهاء الحرب.
أما هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية، فخضعت للتمديد، بعد عدم انعقاد الجلسة الانتخابية المفترضة لعدم توافر النصاب.
التمديد للقائد يفرض نفسه
بعد ساعات على سريان قرار وقف الأعمال العدائية بين “حزب الله” وإسرائيل، انعقد مجلس النواب في جلسة تشريعية في 28 تشرين الثاني 2024، فرضتها ضرورة التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، في ظل عدم قدرة الحكومة على التعيين بغياب رئيس للجمهورية. وقبل موعد الجلسة، حسمت التوافقات السياسية التمديد، فتأمّن نصاب الجلسة التي غاب عنها نواب التيار الوطني الحر. وأفضت النقاشات والتصويت، إلى شمول التمديد الضباط برتبة عميد، وهي التسوية التي زادت أصوات نواب “أمل” و”الحزب” على الموافقين، بينما اعترض نواب “القوات اللبنانية” والكتائب والإشتراكي خصوصاً، إضافة إلى نواب كتلة “الاعتدال” الذين كانوا من بين مقدمي اقتراح التمديد لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية فقط.
وفي الجلسة نفسها، مرّ تعديل قانون القضاء العدلي الذي وُصف “بتهريبة” تعديل المادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 150 المتعلّق بالقضاء العدلي، فمدد للأعضاء الذين انتهت ولايتهم في مجلس القضاء الأعلى إلى حين تعيين بدلاء وحلف اليمين، مع مدة ستة أشهر، من بينهم مدعي عام التمييز والمدعي العام المالي”. وهو ما بات بعهدة المجلس الدستوري بعد مراجعات طعن من قبل أكثر من جهة. ويفترض بالمجلس أن يبت بالمراجعات في الشهر الأول من السنة.
في المحصّلة، لم ينجح مجلس النواب في انتخاب رئيس للجمهورية. سينتهي العام بإضافة 365 يوماً على أيام الشغور الرئاسي.فهل يكون العام المقبل عام انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية، في الجلسة المحددة في التاسع من كانون الثاني 2025، فتنتظم المؤسسات، وتنطلق عملية استعادة الثقتين المحلية والدولية بلبنان الدولة؟